للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشاهدُ فيه "قَولُه: " (مَنُونَ أَنْتُم) وجَمْعُهُ لِـ (مَنْ) في الوَصْلِ، وإنّما تُجْمَعُ في الوَقْفِ، وجازَ ذلك ضَرورةً.

وَصَفَ أنّ الجِنَّ طَرَقَتْهُ وقَدْ أَوقَدَ نارًا لِطعامِهِ. ونَصَبَ (ظَلامًا) على التَمييزِ كما تقول: أَنْعِموا بالًا، والمعنى نَعِمَ بالُكُم ونَعِمَ ظَلامُكُم على الاتّساعِ، ويَجوزُ نَصْبُهُ على الظَرفِ، ويقالُ: وَعَمَ يَعِمُ في معنى نَعِمَ يَنْعَمُ، وبَعدَه (١٤١٤):

فَقُلْتُ: إلى الطَعامِ فقالَ منهم … زَعِيمٌ: نَحْسُدُ الإِنْسَ الطَعَاما

لَقَدْ فُضَّلْتُمُ بالأكْلِ فينا … ولكن ذاك يُعْقِبُكُمْ سَقَاما

وأنشد في بابٍ تَرجَمَتُه: هذا بابُ إجْرائهم صِلَةَ (مَنْ) وخَبَرَهُ إذا عَنَيْتَ اثنينِ كصلةِ اللَّذَينِ، للفرزدق (١٤١٥):

[٥٧٧] تَعالَ فإنْ عاهَدْتَنِي لا تَخُونُني … نَكُنْ مِثْلَ مَنْ ياذِئبُ يَصْطَحِبانِ

الشاهدُ فيه تَثْنِيةُ (يَصْطحبانِ) حَمْلًا على معنى (مَنْ) لأنَّها كِنايَةٌ عن اثنينِ، وأخبَرَ عنه وعَن الذِئبِ فجعله ونَفْسَهُ بمنزلتهما في الاصْطِحاب.

وَصَفَ أَنَّه أَوقَدَ نارًا وطَرَقَهُ الذِئبُ فَدَعاهُ إلى العَشاءِ والصُحْبَةِ، وقَبْلَهُ (١٤١٦):

وأَطْلَسَ عَسّالٍ وما كانَ صاحِبًا … رَفَعْتُ لِنارِي مَوْهِنًا فَأَتاني

وفَرقَ بَينَ (مَنْ) وصِلَيِها بقوله: (يا ذِئبُ)، وساغَ له ذلك لأنَّ النِداءَ موجودٌ في الخِطابِ وإنْ لم يَذْكُرْهُ، فإنْ قُدِّرَتْ (مَنْ) نكرةً و (يَصْطحبانِ) في موضعِ الوَصْفِ (١٤١٧) كانَ الفَصلُ بينهما أَسهَلَ وأَقْيَسَ.


(١٤١٤) ينظر البيت الأول في شرح أبيات سبيويه ٢/ ١٧٤، وينظر البيتان في الخزانة ٣/ ٤.
(١٤١٥) الكتاب ١/ ٤٠٤، شرح ديوانه ٨٧٠، وفيه: تَعَشَّ فإنْ واثَقْتَنِي.
(١٤١٦) شرح ديوان الفرزدق ٨٧٠.
(١٤١٧) في ط: الفصل، وهو تحريف.

<<  <   >  >>