للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما يَحْتَقِبُهُ الراكِبُ خَلْفَهُ من سُفْرةٍ وعَيْبَةٍ ونحو ذلك.

ثم قالَ: (على حين أَلْهَى الناسَ جُلُّ أُمورهم)، فَدَلّ هذا على أنَّهم لُصوصٌ يفترِضونَ الناسَ عندما يَعْنيهم من أُمورهم فَيَلُهَونَ به عَن حِفْظِ أموالِهم وإنْ كانوا تجارًا، فيقول: هم مُواظبون على التِجارَةِ والكَسْبِ وإنْ كانَ الناسُ في شُغْلٍ عن ذلك لِما هُمْ فيه من اختِلافِ أَهْوائهم وتَشَعُّبِ أُموِرِهِم.

وزُرَيْق اسمُ قبيلةٍ (٢٦١)، وهو منادَىً. والنَدْلُ هنا الأخْذُ باليَدَينِ، ومِنه اشتِقاقُ المِنْديلِ، والنَذْلُ أيضًا السُرْعَةُ في السَير، ويقال في المَثَل: (هو أَكْسَبُ من ثَعْلَبٍ) (٢٦٢)، لأنَّه يَدَّخِرُ لنفِسِه ويأتي على ما يَعْدو عليه من الحَيَوانِ إذا أَمْكَنَهُ، والدَهْنا تُمَدُّ وتُقْصَرُ.

وأنشد في البابِ في نَحْوِه (٢٦٣):

[٩٣] أَعَلاقَةً أَمَّ الوُلَيِّد بَعْدَما … أَفْنانُ رأسِكَ كالثَغَام المُخْلِسِ

الشاهدُ في نَصْبِ الأمِّ بقوله: (عَلاقةً)، لأنّها بَدَلٌ من لفظِ تَعْلَقُ فَعَمِلَتْ عَمَلَهُ.

وَصَفَ كِبَرَهُ وأنّ الشَيْبَ قد شَمِلَهُ فَلا يَليقُ به الصِبا واللَّهْوِّ، وأَفْنانُ الرأس: خِصَلُ شَعرِهِ، وأصْلُ الفَنَنِ الغُصْنُ، والثَغامُ: شَجَرٌ إذا يَبِسَ ابيَضَّ، ويقال: هو نَبْتٌ له نَوْرٌ أبيضُ فشَبَّهَ بَياضَ الشَيبِ في سَوادِ الشَعر ببياض النَوْرِ في خُضْرَةِ النَبت، والمُخْلِسُ: ما اختَلَطَ فيه البياضُ بالسَوادِ، يقال: أخْلَسَ الشَعرُ والنَبْتُ إذا كانَ فيه لَوْنان. والعَلَاقَةُ والعَلَقُ: أنْ يَعْلَقَ الحُبُّ بالقَلْبِ، ومنه: نَظْرةٌ من ذي عَلَقٍ (٢٦٤)، أي: مِن ذي هَوىً قد عَلِقَ قَلْبَهُ.


(٢٦١) زُرَيق من بني جُشَم بن الخزرج. الاشتقاق ٤٦١، جمهرة أنساب العرب ٣٥٦.
(٢٦٢) ينظر المثل في: الكامل: ١٦٠.
(٢٦٣) البيتُ للمَرَّارِ الأسدي في: الكتاب ١/ ٦٠، شعره: ٤٦١.
(٢٦٤) وهو مثلٌ يضرب لمن ينظر بوُدّ. جميع الأمثال ٢/ ٣٣٢، المستقصى ٢/ ٣٦٨.

<<  <   >  >>