للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٤١] مَنْ صَدَّ عَنْ نِيرانِها … فأنا ابنُ قَيسٍ لا بَراحُ

استشهَدَ به على إجراءِ (لا) مُجرى (ليس) في بعض اللُّغاتِ كما أُجْرِيَتْ (ما) مُجراها في لغةِ أهل الحِجازِ، فتقديُره لا بَراحٌ لي، على معنى ليسَ لي بَراحٌ.

والوَجْهُ في (لا) إذا وَلِيَتْها النكرةُ ولَمْ تتكَرّرْ أنْ تَنصبَها بلا تنوينٍ وتُبْنَى معها على ما بَيَّنَهُ سيبويه (١٢٢) في باب (لا) وذَكَرَهُ بعِلَّتِهِ، وأمّا رَفْعُها للنكرةِ مفردةً ونَصْبُ الخَبَرِ فيجري مجرى الضرورة في القِلَّة، وهي في ذلك مُشَبَّهَةٌ بـ (ليسَ) لأنّ معناها كمعناها ودُخولُها على المبتدأ كدُخولِها فأُعْمِلَتْ لذلك عَمَلَها.

وَصَفَ نَفْسَه بالشَجاعةِ والإقْدامِ عند اشتدادِ الحربِ وصدودِ الشُجعانِ عنها والأقرانِ.

وأنشد في البابِ للفرزدق (١٢٣):

[٤٢] فأَصبَحُوا قَدْ أَعادَ اللهُ نِعْمَتَهُم … إذْ هُمْ قُريشٌ وإذْ ما مِثْلَهُم بَشَرُ

استشهَدَ به على تقديم خَبَرِ (ما) منصوبًا، والفرزدقُ تَميميٌّ يَرْفَعُهُ مُؤخّرًا، فكيفَ إذا تَقَدّمَ.

وقَدْ رُدَّ <على" سيبويه (١٢٤) حَمْلُهُ على هذا، وخُرِّجَ للنَصْبِ وَجْهان أَضْرَبْتُ عنهما لتَبْييني لهما في كتاب (النكت) (١٢٥).

والذي حَمَلَهُ عليه سيبويه أصَحُّ عندي وإنْ كانَ الفرزدقُ تميميًا، لأنّه أرادَ أنْ يُخَلِّصَ المعنى منَ الاشتراكِ فلم يُبالِ (١٢٦)، إفْسادَ اللفظِ مع إصلاحِ المعنى، وتَحْصينه، وذلك أنّه لو قال: (وإذْ ما مِثْلُهُم بَشَرٌ) بالرفعِ لجازَ أن يُتَوَهَّمَ [أنّه] من باب ما مِثْلُكُ


(١٢٢) الكتاب ١/ ٣٤٥.
(١٢٣) الكتاب ١/ ٢٩، شرح ديوانه ٢٢٣.
(١٢٤) رَدّ المبرّدُ ذلك على سيبويه، ينظر الانتصار ٩.
(١٢٥) النكت ١٩٥.
(١٢٦) في ط: فَلا يُبالي.

<<  <   >  >>