للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

بعدَ تَمامِ الكلامِ كقولك: وافَقْتُ زيدًا وعندَه عُمروٌ وبِشْرًا، تريد ووافَقْتُ بِشرًا عندَهُ؛ لأنَّ المعنى قَدْ تَمَّ في قوله: وعندَهَ عَمروٌ، ولو قُلْتَ: وافَقْتُ زيدًا وعندَهُ عَمرًا لم يَجُزْ عند غير سيبويه في شعرٍ ولا غَيرِهِ لنُقْصَانِ الكَلامِ دونَ الآخِرِ المحمولِ على المعنى.

والحُجَّةُ لسيبويه أنَّ الشِعرَ موضِعٌ ضَرورةٍ يُحْتَمَلَ فيه ما لا يحتمل في غيره، فإذا جازَ الحَملُ في الكلامِ على المعنى مع التَمام جازَ في الشِعر ضرورةً مع النُقصانِ، مع أخذِهِ هذا عن العَرَب وروايِتِهِ له عنهم، وغُيرُ سيبويه يَرْويه:

فَكَرَّتْ ذاتَ يومٍ تَبْتَغيهِ … فأَلَقَتْ فُوقَ مَصْرَعِهِ السِباعا

وسيبويه أوثَقُ من أن يُتَّهَمُ فيما نَقَلَه ورواه.

وَصَفَ بقَرةً فَقَدَتْ وَلَدَها فجَعَلَتْ تَطْلُبُه فوافَقَتِ السِبَاعَ عليه.

وأنشد في البابِ لابنِ قيسِ الرُقَيّات (٥٩١):

[٢٢٠] لَنْ تَراها ولو تأمَّلتَ إلَّا … وَلَها في مَفارِقِ الرأسِ طِيبًا

الشاهِدُ فيه كالشاهِدِ في الذي قَبْلَه، وعِلَّتُهُ كعِلَّتِهِ؛ لأنَّه لَمَّا قَال: لَنْ تراها ولو تأمَّلتَ، عُلِمَ أنَّ الطيبَ داخِلٌ في الرُؤية، فكأنَّه (٥٩٢) قال: لَن تراها إلَّا رأيتَ لها في مفارِقِ الرأسِ طِيبًا.

ومَفَارِقُ الرأسِ: الفُروقُ بينَ خُصَلِهِ واحدُها مَفْرِقُ وفَرقٌ.

وأنشد في الباب لعمرو بن قَميئة (٥٩٣):

[٢٢١] تَذَكَّرَتْ أَرضًا بها أَهْلُهَا … أَخْوَالَها فيها وأَعْمامَها


(٥٩١) الكتاب ١/ ١٤٤، ديوانه ١٧٦، وعُبيد الله بن قيس الرُّقَيَّات شاعر قريش، وكان زُبَيريّ الهَوَى؛ إذ خرج مع مُصْعَبِ بن الزبير على عبد الملك بن مروان. (الأغاني ٥/ ٦٤، الخزانة ٣/ ٢٦٧، ٢٩٨).
(٥٩٢) في ط: كأنّه.
(٥٩٣) الكتاب ١/ ١٤٤، ديوانه ٧٣.

<<  <   >  >>