للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشاهدُ فيه حملُ ما بعدَ (إنْ) على إضمارٍ فعلٍ مع جوازِ النَصبِ والرفعِ فيه، وتقديرُ الرفعِ إن وقعَ صبرٌ، وتقديرُ النَصْبِ إن كان الذي يقعُ ويجبُ صبرًا.

والصبرُ هنا الأمرُ الذي يجبُ الصبرُ عليه لما فيهِ من الفَضلِ والشرفِ، وكان قد قَتَلَ ابنَ عمٍّ له غِيلَةً ثُمَّ اعترفَ بقتلهِ فيقول: إنْ أُلْزِمَنا الدِيَةَ لم نَضِقْ بها ذِراعًا (٥٣٣ أ) ولم تَعْجِزْ أموالُنا عنها، وإنْ وجبَ علينا القتلُ ووقعَ صبرنا له < لما فيه > من الكرمِ والفضلِ.

[وأنشد في الباب في مثله (٥٣٤ أ): ]

[٢٠٢] قَدْ قِيلَ ذلك إن حَقًّا وإن كذبًا … فما اعتذارُك من قولٍ إذا قيلا

الشاهد فيه نصبُ (حقّ وكذبٍ) بإضمارِ فعلٍ يقتضيه حرفُ الشرطِ لأنه لا يكونُ إلا بفعلٍ، والتقديرُ إن كان ذلك حقًّا وإنْ كان كذبًا، ورفعُهُ جائزٌ على معنى إن وقعَ فيه حقٌّ أو كذبٌ.

وهذا البيتُ يُروى للنعمان بن المنذر قاله للربيعِ بن زيادٍ العبسيّ حين دخل عليه لبيدُ بن ربيعةَ والربيعُ يؤاكلُهُ فقال (٥٣٥):

مهلًا أبيت اللعنَ لا تأكل معه

أنّ استَهُ من بَرَصٍ ملمَّعهْ

فأمسكَ النعمانُ عن الأكلِ، فقال الربيعُ: أبيتَ اللعنَ أنَّ لبيدًا كاذبٌ فقال النعمانُ: قد قيل ذلك … البيت، فيقال: هوَ لهُ ويقال: بل تمثَّل به وهو لغيرهِ.


(٥٣٣ أ) في ط: ذَرْعا.
(٥٣٤ أ) البيت للنعمان بن المنذر في: الكتاب ١/ ١٣١، الزاهر ٢/ ١٨٩، شرح أبيات سيبويه ١/ ٢٣١ الأغاني ١٥/ ٢٩٤، الحماسة البصرية ٢/ ٢٨٨ - ٢٨٩، شرح شواهد المغني ١٨٩، الخزانة ٢/ ٧٨، وروايته في الكتاب: من شيءٍ إذا.
(٥٣٥) شرح ديوان لبيد ٣٤٣.

<<  <   >  >>