للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

القولُ فيه كالقَولِ في البيتينِ قبلَه، لأنّه أضمَرَ في (ليسَ) وجَعَل الجملةَ تفسيرًا للمُضْمَر في موضعِ الخَبَرِ.

وَصَفَ امرأةً يُحِبُّها وهي تَهْجُرُه فيقول: وِصالُها شِفاءُ لِما أجِدُه من داءِ حُبِّها فلو بَذَلَتْهُ لَشَفَتْني.

وتقديرُ الاسمِ المُضْمَرِ في (ليسَ) وليسَ الأمرُ الذي شِفاءُ دائي مبذولًا منها، وإعرابُهُ كما تَقَدَّمَ.

وأنشد في الباب لمُزَاحِمٍ العُقَيْلي (١٦٩):

[٥٦] وقالوا تَعَرَّفْها المنازِلَ مِن مِنىً … وما كُلَّ مَنْ وافَى مِنى أنا عارِفُ

استشهدَ بهِ على رَفْعِ كُلٍّ بـ (ما) إذْ لَمْ يُمْكِنْهُ الإضمارُ فيها، لأنها حَرف ولو أمْكَنَهُ الإضمارُ في (ما) كما يُمْكِنُ في (ليسَ) لنَصَبَ كُلًّا بـ (عارِفٍ) كما نَصَبَ كُلّ النوى بِـ (يُلْقِي).

وَحَذفَ الهاءَ مِن قوله: أنا عارِفُهُ وهو يَنويها، فالتَزَمَ رَفعَ كُلّ بـ (ما) على لُغةِ أهلِ الحجازِ، وجَعَلَ الجملةَ بعدَها خَبَرًا عنها مع حَذفِ الهاءِ ضَرورةً، ولو جَعَلَ (ما) تَميميَّةً لنَصَبَ كُلًّا بـ (عارفٍ) ولم تكنْ فيه ضَرورَةٌ، لأنّ (ما) في لُغتهم غَيرُ عامِلَةٍ فَلا يَقْبُحُ أنْ يَليِهَا ما عَمِلَ فيه غَيرُها.

وَصَفَ أنْه اجتَمَع بمَحْبوبَتِهِ في الحَجِّ فجَعَل يتَفَقَّدُها فقيلَ له: تَعَرُّفْها بالمنازِلِ مِنْ مِنًى وهي حَيثُ يَنزِلون أيامَ رَمْيِ الجِمارِ، فزَعَمَ أنّه لا يَعرفُ كُلَّ مَنْ وافَي مِنًى فَيَسْألَهُ عنها لأنّه لا يَسْألُ عنها إلا مَنْ يَعرفُهُ ويَعْرِفُها.

وأنشد في بابٍ ترجَمَتُه: هذا بابُ الفاعلَيْنِ والمَفْعولَينِ، لقيس بن


(١٦٩) الكتاب ١/ ٣٦، شعره: ١٠٥، ومزاحم شاعر غزل بدوي كان في زمن جرير والفرزدق. (طبقات فحول الشعراء ٥٨٣، الخزانة ٣/ ٤٥).

<<  <   >  >>