للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد مضى تَفسيرُه (١٣٨).

وكذلك تَأَوّلَ (١٣٩)، بيتَ النابغةِ الجَعْدِيّ، وهو قولُه: (١٤٠):

[٤٧] فليسَ بمعروفٍ لنا أنْ نَرُدَّها … صِحاحًا ولا مُستنكَرٌ أنْ تُعَقَّرا

فَرَدَّ قوله: ولا مستنكَرٍ على قوله: بمعروفٍ، وجَعَلَ الآخِر من سبب الأوّل لأنّ الرَدَّ ملتَبِسٌ بالخَيلِ فكأنّه منها.

والعَقْرُ مُتَّصِلٌ بضميرها فكأنّه اتّصَلَ بضميرِ الرَدِّ حيثُ كانَ منَ الخَيل كما كانَ المَرُّ من الرياحِ <في قَولِ ذي الرُمَّة (١٤١):

مَشَيْنَ كما اهتزّتْ رِماحٌ تسَفَّهَتْ … أعاليهَا مَرُّ الرياحِ> النَواسمِ [٣٧]

وقد مَرَّ تَفسِيرُهُ (١٤٢).

فتقديرُ البيت الأوّلِ عند سيبويه فليسَ بآتِيكَ الأمورُ مَنْهِيُّها ولا قاصِرٍ عنكَ مأمورُها، وتقديرُ الآخِرِ فليسَ بمعروفَةٍ خَيْلُنا رَدُّها صِحاحًا ولا مستنكَرٍ عَقْرُها لِما ذَكَرنا من التِباسِ المَنْهيِّ بالأمورِ فكأنّه الأمورُ، والتِباسِ الرَدِّ بالخَيْلِ فكأنّه الخَيلُ.

وقد رُدَّ عليه ما تأوّلَ في البيتين، وأُبْطِلَ جَوازُ الجَرُ الذي أجازَهُ سَماعًا مِن العربِ فقال: (وقد جَرَّهُ بَعضُهم) (١٤٣).

والرَدُّ عليه فيما تأوّلَهُ صَحيحٌ، والرَدُّ على العَربِ مِن الاعتِداءِ وأشَدُ التَعَسُّفِ والاجتراءِ، وسَأُبَيِّنُ صِحَّةَ القِياسِ فيما أجازَتْهُ العَرَبُ من ذلك وغَفْلَةَ سيبويه في تأويلِهِ وما لَحِقَهُ فيه من السَهْو المُوَكَّلِ بالبَشَر، على أنّي قَد استقصيتُ القولَ فيما تأوَّلَهُ هو


(١٣٨) في ط: وقدم تفسيرُه، وينظر الشاهد (٣٥).
(١٣٩) في ط: تأويل.
(١٤٠) الكتاب ١/ ٣٢، شعره: ٦٨.
(١٤١) الكتاب ١/ ٣٣.
(١٤٢) ينظر الشاهد (٣٧).
(١٤٣) الكتاب ١/ ٣٢، وفيه: وقد جَرَّهُ قومٌ.

<<  <   >  >>