للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

مع تلخيص معانيها، وتقريب مراميها، وتسهيل مطالعها ومراقيها، وجلاء ما غمض منها وخفي من وجوه الاستشهادات فيها، ليقرُبَ على الطالب تناوُلُ جملتها، ويَسهلَ عليه حَصَرُ عامَّتها) (٧).

يتبين لنا من هذا النص أنّه ألّفه تلبيةً لأمرِ المعتضد بالله، حين أمَرَه باستخراج شواهد كتاب سيبويه، وجَمْعها في كتاب يخصها، وتلخيص معانيها، وتبيين الغرض من استشهاد سيبويه بها، ليسهل على الطالب حصرها ودراستها جميعًا.

[منهج الكتاب]

حدّد الأعلم السمات العامة لمنهجه في مقدمته للشرح فقال: (وجَمْعها في كتاب يخصها ويفصلها عنه، مع تلخيص معانيها، وتقريب مراميها، وتسهيل مطللعها ومراقبها، وجلاء ما غمض منها وخفي من وجوه الاستشهادات فيها … وألفته على رتبة وقوع الشواهد، وأسندتُ كلَّ شاهد منها إلى بابهِ أوّلًا، ثُمَّ إلى شاعره معلومًا آخِرا، ولم أُطِل فيه إطالةً تُمِلّ الطالب الملتمس للحقيقة، ولا قَصّرتُ تقصيرًا يُخلُّ عنده بالفائدة) (٨).

ولنأخذ مثالًا لشرح الأعلم لنتبين منهجه في شرح الشواهد، وهذا المثال هو: (وأنشد في الباب لجرير:

إذا بعضُ السِنينَ تَعرّقَتْنا … كَفَى الأيتامَ فَقْدَ أَبي اليَتيمِ

استشهد به على تأنيث تعرّقَتْنا فعل بعض، لإضافته إلى السنين، ولأنه أراد سنةً فكأنّه قال: إذا سنةٌ من السنين تعرّقتنا. عني بالبيت هشام بن عبد الملك، فيقول: إذا أصابتنا سنةُ جَدْبٍ تُذهبُ المالَ قام للأيتامِ مقامَ آبائهم، لأنه ذكر الأيتامَ أوّلا، ولكنّه أفرَدَ حَمْلًا على المعنى. لأنَّ الأيتامَ هنا اسمُ جنس، فواحدها ينوُب مناب جَمْعِها، وجَمْعُها ينوبُ منابَ واحدِها، فمعنى كفى الأيتام فَقْد أبي اليتيم، ومعنى كفى اليتيم فَقْد أبيه واحدٌ، ومعنى تعرّقَتْنا أذهَبَتْ أموالنا، وأصلُه من تعرَّقتُ العظمَ، إذا أَذهَبْتَ ما عليه من


(٧) تحصيل عين الذهب: ٥٢.
(٨) المصدر السابق: ٥٢ - ٥٣.

<<  <   >  >>