كتاب تحصيل عين الذهب من معدن جوهر الأدب في علم مجازات العرب

[٤٥٤] ألا يا لقوم لطيف الخيال ... وأرق من نازح في دلال - ص: 319

حرفَ النداءِ بَدَلٌ من اللفظِ به ويَظهرُ مع لامِ المَدْعُوِّ له، فتقولُ: يا لَزَيْدٍ أدْعوك لِكذا، فَغُيَّرت الأُولَى كما غُيِّرَ الفِعلُ بالحَذْفِ وتُرِكَت الثانيةُ على المُستعملِ فيها لِظُهورِ الفِعلِ معها على ما يجبُ في الأصلِ (١٠٩٢).

والمُسْتغاثُ مِن أَجْلِهِ في البيتِ هو "المَدْعُوُّ" المُسْتَغاثُ به، والمعنى يا لَبكْرٍ أدْعوكم لأنْفُسِكم مطالبًا لكم بإنْشارِ (١٠٩٣)، كُلَيْبٍ وإحْيائِهِ، وهذا منه استطالَةٌ وَوَعِيدٌ، وكانوا قَدْ قَتَلوا كُلَيْبًا أَخاه في أمرِ البَسُوسِ (١٠٩٤)، وخبرُها مشهورٌ.

وأنشد في الباب لأُمَيَّةَ بنِ أبي عائذٍ الهُذَليّ (١٠٩٥):

[٤٥٤] ألا يا لَقَوْمِ لِطَيْفِ الخَيالِ … وأَرَّق مِن نازحٍ في دَلالِ

الشاهدُ في فَتْحُ اللام الأُولَى وكَسْرُ الثانيةِ (١٠٩٦) فَرقًا بين المُسْتَغاثِ به والمُستغاثِ من أَجْلِهِ، وقد تَقَدّمتْ عِلَّتُهُ.

والطَيْفُ: ما يُطيفُ بالانسانِ في النوم من خَيالِ مَنْ يُحبُّ. ومعنى أرَّق مَنَعَ النومَ. والنازِحُ: البَعيدُ، وذَكَرَهُ لأنّه أرادَ الشَخْصَ. والدّلالُ: الدلالَةُ بِحُسْنٍ ومَحَبَّةٍ ونَحْوِهما.

وأنشد في الباب لقيسِ بنِ ذَريح العامريّ (١٠٩٧):

[٤٥٥] تَكَنَّفَني الوُشاةُ فأَرْعَجُوني … فيا للنّاسِ لِلواشِي المُطاعِ

---

(١٠٩٢) ينظر في تعليل فتح لام الاستغاثة: المقتضب ٤/ ٢٥٤ - ٢٥٥، الاصول ١/ ٤٢٧ - ٤٢٨، شرح جمل الزجاجي ٢/ ١٠٩ - ١١٠.
(١٠٩٣) في ط: في إنشار.
(١٠٩٤) وقعت حرب البسوس بين بكر وتغلب ابني وائل، ودامت أربعين سنة. (أيام العرب في الجاهلية ١٤٢).
(١٠٩٥) الكتاب ١/ ٣١٩، ديوان الهذليين ٢/ ١٧٢، وفيه: يُؤرِّقُ، وهو في الأصل: يا لَقَومي.
(١٠٩٦) في ط: اللام الثانية.
(١٠٩٧) الكتاب ١/ ٣١٩، شعره: ١١٨ وفيه: فياللَّه، وقَيسُ بن ذُريح أحد عُشّاق العرب المشهورين، وصاحِبَتُه لُبْنى، (الشعر والشعراء: ٦٢٨، الأغاني ٩/ ١٧٤).