للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

جَمعُ صَدَى، وهو طائرٌ يُقالُ له: الهامَةُ، تَزْعُمُ الأعرابُ أَنَّه يَخْرُجُ من رأسِ القَتيلِ إذا لَمْ يُدْرَكْ بثأرِهِ فيصيح "على قَبْرِهِ" اسقُوني اسقونِي حَتَّى يُثْأرَ به، وهذا مَثَلٌ وإنَّما يُرادُ به تَحريضُ وَليِّ المقتولِ على طَلَبِ دَمِهِ، فَجَعْله جَهَلَهُ الأعرابِ حقيقةً. ورَهُوَةُ: موضعٌ بِعَيْنِهِ. والثاوِي: المُقِيمَ.

وأنشد في البابِ للنابغة (١٢٨٥):

[٥٢٤] يا دارُ مَيَّةَ بالعَلْياءِ فالسَنَدِ … [أقْوَتْ وطالَ عليها سالِفُ الأبَدِ

وَقَفْتُ فيها أُصَيْلانًا أسائلُها] (١٢٨٦) … وأَعْيَتْ جَوابًا وما بالرَبْعِ من أحَدِ

إلَّا الأوارِيَّ لأُيا ما أُبَيِّنُها … والنُؤْيُ كالحَوْضِ بالمَظْلومَةِ الجَلَدِ

الشاهد في قوله: (إلَّا الأوارِيَّ) بالنَصْب على الاستِثْنَاءِ المُنْقَطعِ لأنَّها من غَيرِ جِنْس الأحَدِينَ، والرَفْعُ جائزٌ على البَدَلِ من الموضعِ، والتقديرُ وما بالرَبْعِ أحَدٌ إلَّا الأواريُّ على أن يُجعَلَ من جِنْسِ الأحَدِينَ اتِّساعًا ومجازًا، كما تَقَدَّمَ.

وَصَفَ أَنَّ الدارَ خَلَتْ من أهلِها فسألَها تَوَجُّعًا منه وتَذَكُّرًا لِمَنْ حَلَّ بها، فَلَمْ تُجِبْهُ إذْ لا مُجِيبَ بها ولا أحَدَ إلَّا الأوارِيَّ وهي مَحابِسُ الخَيل، واحِدُها آرِيٌّ وهو مِن تَأرَّيْتُ بالمكانِ إذا تَحَبَّسْتَ به. واللأْيُ: البُطءُ، والمعنى أُبَيِّنُها بَعدَ لأيٍ لتَغَيُّرِها. والنُؤْيُ: حاجزٌ حَولَ الخِباءِ يَدْفَعُ عنه الماءَ ويُبْعِدُهُ، وهو مِن نأيْتُ إذا بَعدتَ، وشَبَّهَهُ في استِدارتهِ بالحَوضِ. والمَظْلومَةُ: أرضٌ حُفِرَ فيها الحَوضُ لغير إقامَةٍ؛ لأنَّها في فَلاةٍ فظُلِمَتْ بذلك؛ لأنَّ معنى الظُلمِ وَضْعُ الشَيءِ في غَيرِ مَوضِعِهِ، وإنَّما أرادَ أنَّ حَفْرَ الحوضِ لم يُعَمَّتْى فذلك أشْبَهُ للنُؤْي به، ولذلك جَعَلَها جَلَدًا وهي الصُلْبَةُ. ويُروى (عَيَّتْ جَوابًا) ومعناه عَيِيَتْ فأدْغَمَ للتَضْعيفِ.


(١٢٨٥) الكتاب ١/ ٣٦٤، وفيه: عَيَّتْ، أواريّ، ديوان النابغة الذبياني ٢ - ٣، وفيه: أوَاريّ.
(١٢٨٦) من الكتاب ١/ ٣٦٤.

<<  <   >  >>