للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشاهدُ فيه قَولهُ: (لا أمثالَهُنَّ لَيَالِيا) فَنَصَب أمثالَهُنَّ بـ (لا) لأنَّ (المِثْلَ) نكرةٌ وإنْ كانَ مضافًا إلى معرفةٍ كما تَقَدَّمَ.

ونَصَبَ (لَياليا) على التبيين لـ (أمثالِهُنَّ) على مِثالِ قولك: لا مِثْلَكَ رَجُلًا، فَرَجُلٌ تَبيينٌ للمِثْلِ على اللفظِ، ولو حُمِلَ على الموضعِ (١٢٣٠) لجازَ. ويجوزُ نَصْبُ (لَيالٍ) على التمييزِ كما تقولُ: لا مِثلَكَ رَجُلًا على تقدير لا مِثلَكَ مِن رَجُلٍ، وفي نَصْبِها (١٢٣١) على التمييزِ قُبْحٌ لأنّ حُكْمَ التمييز أنْ يكونَ واحدًا يُؤدِّي عن الجمعِ.

يقول: هذه الدارُ كانَتْ لِمَيَّةَ دارًا زَمَنَ المُرْتَبَعِ وتَجاوُرِ الأحياءِ، وفَضَّلَ تلك الليالي لِما نالَ فيها من التَنَعُّمِ بالوِصالِ واجتماع الشَمْلِ.

وأنشد في البابِ لجريرٍ (١٢٣٢):

[٥٠٦] لا كالعَشِيَّةِ زائرًا ومَزُورا

الشاهدُ فيه نَصْبُ (زائرٍ ومَزورٍ) بإضمار فِعْلٍ، والتقديرُ لا أرَى كالعَشِية زائرًا ومَزورًا، أيْ: لا أرَى زائرًا ومَزورًا كزائرِ العَشِيَّةِ ومَزورِها، فحذفَ اختصارًا لِعِلْمِ السامعِ كما قالوا: ما رأيتُ كاليومِ رَجُلًا، أيْ: كرَجُلٍ أراهُ اليومَ، ولا يُحسُنُ في هذا رَفْعُ الزائر لأنّه غَيرُ العَشِيَّةِ، وليسَ بمنزلةِ لا كَزيدٍ رَجُلٌ لأنّ زيدًا من الرِجالِ.

وأنشد في البابِ لامِرئ القيس (١٢٣٣):

[٥٠٧] وَيْلِمِّها في هَواءِ الجَوِّ طَالِبّةً … ولا كهذا الذي في الأرضِ مَطْلوبُ

الشاهدُ فيه رَفْعُ (مَطْلوبٍ) حَمْلًا على موضعِ الكافِ لأنّها في تأويلِ (مِثْلٍ) وموضِعُها موضعُ رَفعٍ، وهو بمنزلةِ "قَولك": لا كزيدٍ رَجُلٌ، ولو نُصِبَ حَمْلًا على اللفظِ أو على التمييز لجازَ.


(١٢٣٠) في ط: المعنى.
(١٢٣١) في ط: نصبه.
(١٢٣٢) الكتاب ١/ ٣٥٣، ديوانه ٢٢٨، وصدره:
يا صاحِبَيَّ دَنَا الرَواحُ فَسِبرا
(١٢٣٣) الكتاب ١/ ٣٥٣، ديوانه ٢٢٧، ونسِب إلى النعمان بن بشير الأنصاري في الكتاب ٢/ ٢٧٢.

<<  <   >  >>