للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والتقديرُ كُلٌّ خَليلٍ لا يَهضِمُ نَفْسَهُ ويَظْلِمها لِخَليلهٍ صارِمٌ لوَصْلِهِ؛ أَيْ: قاطِعٌ، أو مُنْقَبِضٌ عنه، والمُعارِزُ: المنقبِضُ، يقال لِما تَقَبَّضَ مِن اللحمِ على الجَمْرِ: استَغْرَزَ وتَعَرَّزَ. والهَضْمُ: الظُلْمُ.

وأنشد في البابِ في مِثْلِهِ (٩٢٨):

[٣٨٧] كأنَّا يَومَ قُرّى … إنَّما نَقْتُلُ إيَّانا

قَتَلْنا مِنهُمُ كُلَّ … فَتًى أبيّضَ حُسّانا

الشاهِدُ فيه جري (حُسّانٍ) على (كُلٍّ) نَعْتًا له لأنَّه نكرةٌ مِثْلُهُ، والقَولُ فيه كالقَولِ في الذي قَبلَه.

وَصَفَ أنَّ قَومَهُ أَوقَعوا بني عَمِّهم فكأنما (٩٢٩) قَتَلوا أنفُسهم، ويقال: إنَّه لِصٌّ قاطعٌ وَصَفَ أنَّه قَتَلَ مَنْ هَذه صِفَتُهُ. وقُرّى: اسمُ موضعٍ.

وفَصَلَ والضميرَ من الفِعل ضَرورةً، وكان الوُجهُ نَقْتُلُنا، والأصلُ في هذا أنْ يُستَغْنَى فيه بالنَفْسِ فيقال: نَقْتُلُ أنفُسَنا، فوضَعَ (إيَّانا) موضعَ ذلك.

والحُسّانُ: الحَسَنُ، والصِفاتُ قد تُبْنى على هذا المثالِ للمُبالغَةِ، ونَظيرُهُ كُبَّارٌ بمعنى كَبيرٍ وكُرَّامٌ بمعنى كَريمٍ، وهو كَثيرٌ.

وأنشد في البابِ لابن أحمرَ (٩٣٠) في مثْلِهِ:

[٣٨٨] وَلِهَتْ عليهِ كُلُّ مُعْصِفَةٍ … هَوْجاءُ ليسَ لِلُبِّها زُبْرُ

الشاهِدُ فيه جَريُ (هَوْجاءَ) على (كُلَّ) نَعْتًا لها كالذي تَقَدَّمَ.

وَصَفَ مَنْزلًا تَرَدَّدتْ عليه الرِياحُ فَعَفَتْ آثاره وطَمَسَتْ رُسومَهُ. ومعنى وَلِهتَ حَنّتْ، فجَعَلَ هُبوبَها عليهِ كحَنين الناقَةِ على وَلَدِها إذا فَقَدَتهُ. والمُعْصِفَةُ: الشَديدةُ


(٩٢٨) لم يُنسب البيتان في الكتاب ١/ ٢٧١، وهما لذي الأصبع العدواني في ديوانه ٨٧ - ٧٩.
(٩٢٩) وفي ط: فكأنّهم.
(٩٣٠) الكتاب ١/ ٣٧٢، شعره: ٨٧.

<<  <   >  >>