للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقولُ: لا أُبَالِي بَعدَ فَقْدِه كَثْرَةَ مَنْ أَفْقِدُ أَو قِلَّتَهُ لِعظَمِ رُزْئِهِ (١٧٢٧) وصِغَرِ كُلِّ رُزْءٍ عندَهُ. وأَضافَ الحُتُوفَ إلى المَنايا توكيدًا، وسَوَّغَ ذلك اختِلافُ اللفظَيْنِ.

وأنشد في باب ما يَنْصرفُ من الأفعالِ إذا سَمَّيْتَ به، لسُحَيْم بنِ وَثِيلِ اليَرْبوعي (١٧٢٨)، من بني رِياح بن يَرْبوع:

[٧١٨] أنا ابنُ جَلَا وطَلَّاعُ الثَنَايا … مَتَى أَضَعِ العِمامَةَ تَعْرِفُونِي

الشاهِدُ في امتناع (جَلَا) من التنوينِ لأنَّه نَوَى فيه الفاعِلَ مُضْمَرًا فحكاهُ لأنّه جُمْلَةٌ، ولو جَعَلَه اسمًا مفرَدًا لصَرَفَه لأنَّ نظيرَهُ في الأسماءِ موجودٌ.

وعِيسَى بن عُمَرَ (١٧٢٩) يَرَى أَلَّا يصرفَ شَيئًا من الفِعلِ إذا سُمِّيَ به وافَقَ أسماءَ الأجْنَاسِ أو لَمْ يوافِقُ، واحتَجَّ بهذا البيت، وهو عند سيبويه محمولٌ على الحِكايَةِ كما تَقَدَّمَ.

والمعنى أَنا ابنُ المَشْهور بالكَرَمِ الذي يقالُ له: جَلَا كَرَمُهُ وتَبَيَّنَ فَضْلُهُ، والثَنَايا جَمعُ ثَنِيَّةٍ وهي الطريقُ في الجَبَل، ويُقالُ لكُلِّ مُضْطَلِعٍ بالشدائدِ راكب لِصِعابِ الأُمورِ: هو طَلَّاعُ الثَنَايا، وطَلَّاعُ أَنْجُدٍ، والنَجْدُ: الطريقُ في الجَبَلِ أيضًا. وقولُه: (مَتَى أَضَعِ العِمامَةَ تَعْرِفُونِي) أي: إذا حَسَرْتُ اللِّثامَ للكلامِ أعْرَبْتُ عن نَفْسي فعَرَفتموني بما كانَ يَبْلُغكم عَنِّي.

وأنشد في البابِ لكُثَيِّر (١٧٣٠):

[٧١٩] سَقَى اللهُ أَمْواهًا عَرَفْتُ مَكانَها … جُرابًا ومَلْكومًا وبَذّرَ والغَمْرا


(١٧٢٧) في ط: رَزِيَّته.
(١٧٢٨) البيت لسُحَيم في: الكتاب ٢/ ٧، الأصمعيات ١٧، المعاني الكبير ٥٣٠، الكامل ١٩٢، ٣٣٣، النكت ٨١٨، الحماسة البصرية ١/ ١٠٢، الخزانة ١/ ١٢٦، وهو بلا عزو في: مجالس ثعلب ١٧٦، شرح جمل الزجاجي ٢/ ٢٠٦.
(١٧٢٩) ينظر الكتاب ٢/ ٧.
(١٧٣٠) الكتاب ٢/ ٧، ديوانه ٥٠٣، ولم يذكر هذا البيت في طبعة (هارون) ٣/ ٢٠٧ في المتن، بلي ذكره المحقق في الحاشية الهامش (٦).

<<  <   >  >>