للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الشاهدُ في نَصْبِ (المِراءِ) بعدَ (إيّاكَ) مع إسقاطِ حَرفِ العَطفِ ضَرورَةٌ، والمعروفُ في الكلامِ إيّاكَ والمِراءَ وإيّاكَ والأسَدَ، ولا يجوزُ إيّاك الأسَدَ كما لا يَجوز اتَّقِ نَفْسَك الأسَدَ على ما بَيَّنَه سيبويه (٥٨٠).

ويَجوزُ أن يكون (المِراءُ) منصوبًا بإضمارِ فعلٍ دَلَّ عليه (إيّاك) كأنّه قال: إيّاك تَجَنُّبِ المِراءَ، فلا تكونُ فيه ضَرورةٌ على هذا.

ويَجوزُ (٥٨١) أن يكون مفعولًا له فَحُذِفَ منه حرفُ الجَرِّ تَشْبيها بـ (أن) وما عَمِلَتْ فيه إذا قلتَ: إيّاك أنْ تَفْعَلَ كذا، تُريد إياكَ < أَعِظُ لأنْ تَفعَلَ ومِن أَجْلِ أنْ تَفَعَلَ فكأنّه قال: إياكَ > أعِظُ (٥٨٢) أن تُماري، ثم وَضَع المِراءَ موضِعَهُ. والمِراءُ: المُخالَفَةُ في الكلام والملاجَّةُ فيه.

وأنشد في بابٍ ترجَمَتُهُ: هذا شيَءٌ يُحْذَفُ منه الفِعلُ لكثرته في كلامهم، لذي الرُمَّة (٥٨٣):

[٢١٥] دِيارُ مَيَّةَ إذْ مَيَّ تُساعِفُنا … ولا يَرَى مِثْلَها عُجْمٌ ولا عَرَبُ

الشاهدُ فيه نَصْبُ (دِيارِ مَيَّةَ) بإضمارِ فِعلٍ تُرِك استعمالُه. وقامَتْ بما تَقَدَّمَ دِلالَتُهُ فَحُذِفَ، وتقديرُه أذكُرُ دِيارَ مَيَّةَ وأَعنِيها.

ومعني تُساعِفُنا تُواتينا على ما نُريدُ وتُساعِدُنا. ورَخَّمَ مَيَّةَ في غيرِ النداءِ ضَرورة، ويقال: كانَتْ تُسَمّى مَيًّا ومَيَّةَ.

وأنشد في الباب (٥٨٤):

[٢١٦] اعْتادَ قَلْبَكَ من سَلمَى عَوائدُهُ … وهاجَ أهواءَكَ المكنونَةَ الطَلَلُ


(٥٨٠) الكتاب ١/ ١٤١.
(٥٨١) ينظر: شرح الكافية ١/ ١٨٣، مغني اللبيب ٧٥٦.
(٥٨٢) في ط: أعظك.
(٥٨٣) الكتاب ١/ ١٤١، وفيه: مُساعِفَةُ ديوانه ٧.
(٥٨٤) البيتان بلا عزو في: الكتاب ١/ ١٤٢، شرح أبيات سيبويه ١/ ٢٥٨، الخصائص ٣/ ٢٢٦، النكت ٣٤٩، مغني اللبيب ٦٦٦، شرح شواهد المغني ٩٢٤.

<<  <   >  >>