للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

شَوقًا إلى أصحابِها، والمعنى أنَّها حَنَّتْ إليها على بُعْدٍ مِنها ولا سَبِيلَ لها إليها.

وأنشد في البابِ لجريرٍ (١٢٥٨):

[٥١٧] ما بالُ جَهْلِكَ بَعدَ الحِلْمِ والدينِ … وقَدْ عَلاكَ مَشيبٌ حِينَ لا حِينِ

الشاهد فيه إضافَةُ (حِينٍ) الأولى إلى الآخِرَةِ على تقدير زيادة (لا) لفَظًا ومعنًى، والمعنى وقَدْ عَلاكَ مَشيبٌ حِينَ حِينِ وجوبه، هذا تقديرُ (١٢٥٩) سيبويه (١٢٦٠).

ويَجوزُ أنْ يكونَ المعنى ما بالُ جَهْلكَ بعدَ الحِلْمِ والدين حِينِ لا حِينَ جَهْلٍ ولا صِبًا، فيكون (لا) لَغْوًا في اللفظ دونَ المعنى. وإنَّما أضافَ الحِينَ إلى الحِينِ لأنّه قَدَّرَ [أحدهما] (١٢٦١) بمعنى التَوقيتِ كأنّه (١٢٦٢) قال: حينَ وَقْتِ حُدُوثِهِ ووُجُوبِهِ.

وأنشد في البابِ لرجُلٍ من بني سَلُولٍ (١٢٦٣):

[٥١٨] وأنتَ أمرُؤٌ مِنَا خُلِفْتَ لِغَيرِنا … حَياتُكَ لا نَفْعُ ومَوْتُكَ فاجِعُ

الشاهد فيه رَفعُ ما بَعَد (لا) من غَير تكريرٍ، وقد تَقَدَّمَ قَبْحُه. ونَظيرُ البَيتِ قولُه: زَيدٌ لا قائمٌ، لا (١٢٦٤) يَحْسُنُ حَتَّى يقول: لا قائمٌ ولا قاعِدٌ، وسَوَّغَ الإفرادَ هنا أنَّ ما بَعدَه يَقومُ مقامَ التكريرِ في المعنى؛ لأنّه إذا قال: (ومَوْتُكَ فاجِعُ) دَلَّ على أنَّ حَياتَهُ لا تَضُرُّ، فكأنَّه قال: حَياتُك لا نَفْعٌ ولا ضَرٌّ.


(١٢٥٨) الكتاب ١/ ٣٥٨، ديوانه ٥٥٧.
(١٢٥٩) في ط: تفسير.
(١٢٦٠) الكتاب ١/ ٣٥٨.
(١٢٦١) في ط: قد رأى أحدهما.
(١٢٦٢) في ط: فكأنّه.
(١٢٦٣) البيت للضحاك بن هَنّام الرقاشي في: شرح أبيات سيبويه ١/ ٣٦٢ - ٣٦٣، شرح ما يقع فيه التصحيف ٤٠٥، زهر الآداب ٦٥٢، الخزانة ٢/ ٨٩ - ٩٠، وهو لرجل من سلول في الكتاب ١/ ٣٥٨، وبلا عزو في: المقتضب ٤/ ٣٦٠، الأمالي الشجرية ٢/ ٢٣٠، شرح المفصل ٢/ ١١٢.
(١٢٦٤) في ط: ولا.

<<  <   >  >>