للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

يقولُ مُعَزِّيًا لنفسِهِ عن أخيهِ عبدِ الله بن الصِمَّةَ وكان قد قُتِلَ: لَقَدْ كَذَبَتْكَ نَفْسُكَ فيما مَنَّتْكَ به من الاستِمتاعِ بحياةِ أخيك فاكْذِبَنْها في كُلِّ ما تُمَنِّيكَ به بَعدُ، فإمّا أن تَجْزَعَ لفَقْدِ أخيك وذلك لا يُجْدِي عليك شَيئًا، وإمّا أنْ تُجْمِلَ الصَبَر فذلك أجْدَى عليكَ.

وأنشد في البابِ للنَمِرِ بنِ تَوْلَبٍ (٥٥٩):

[٢٠٩] سَقَتْهُ الرواعِدُ مِنْ صَيِّفٍ … وإنْ مِن خَريفٍ فَلَنْ يَعْدَما (٥٦٠)

الشاهدُ فيه كالشاهدِ في الذي قَبلَه، وتقديرُه عند سيبويه سَقّتهُ الرواعِدُ إمّا مِنْ صَيفٍ وإمّا من خريفٍ فلنْ يَعْدَمَ الريَّ البتَّةَ، فَحَذَفَ (إمّا) في أوّل البيتِ ضرورةٌ لدلالةِ (إمّا) الباقية (٥٦١) عليها لأنّها لا تَقَعُ إلا مكرّرَةٌ، ثُمَّ < حَذَفَ > (ما) من (إمّا) الباقيةِ ضرورةٌ كما تَقَدَّمَ فقال: وإن من خريفٍ < وهو يُريدُ وإمّا من خَريفٍ >.

وقد خالَفَ سيبويه في هذا التقدير الأصمعيُّ (٥٦٢) وغيرُهُ وقالوا: إنَّما هي (إنْ) التي للجزاءِ حُذِفَ الفِعلُ بعدَها لِما جَرَى من ذِكْرِه قبلَها، والفاءُ جَوابُها، والتقديرُ عندهم، سَقَتْهُ الرواعِدُ من صَيِّفٍ وإنْ سَقَتْهُ من خَريفٍ فلَنْ يَعَدَمَ الريَّ.

وتقديرُ سيبويه أولى لما فيه من عُمومِ الريِّ في كُلِّ وَقْتٍ من صَيفٍ وخَريفٍ، ولا يصحُّ هذا المعنى على تقدير الأصمعيّ وأصحابِهِ لأنّهم جَعَلوا رِيَّهُ لسَقْي الخَريفِ له خاصةٌ.

وَصَفَ وَعِلًا يألفُ روضةٌ (٥٦٣) مُخْصِبَةٌ في جَبَلٍ حَصينٍ لا يُوصَلُ إليه والأمطارُ


(٥٥٩) الكتاب ١/ ١٣٥، شعره: ١٠٤.
(٥٦٠) بعده في ط: وبعده:
فلو كان من حَتْفِهِ ناجيًا … لكان هو الصَدَعَ الأعصما
ولم أذكره في المتن لاحتمال إضافته من الناسخ، ومثله كثير.
(٥٦١) في ط: الثانية.
(٥٦٢) ينظر: الانتصار ٣٨، مغني اللبيب ٦١.
(٥٦٣) في ط: قصبة.

<<  <   >  >>