للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكذلك البيتُ الذي أنشَدَهُ لأبي دُوَاد (١٥٦) وهو قوله:

[٤٨] أَكُلَّ امرِيءٍ تَحْسِبِينَ امْرَأ … ونارٍ تَوَقَّدُ بالليلِ نارا

أرادَ وكُلَّ نارٍ، فحَذَفَ لِما جَرى من ذِكرِ (كُلٍّ) مع تقُديمهِ المجرورَيْنِ وحُصولِ الرُتْبَةِ في آخِرِ الكلامِ واتِّصالِ المجرورِ بحرفِ العَطْفِ لَفظًا ومَعنىً.

ولو كانَ تأليفُ البيتِ: أتَحْسِبِينَ امْرَأً كلّ امْرِيءٍ ونار تَوَقَّدُ بالليلِ نارًا لم يَجُزْ حتى تُظْهِرَ (كُلًّا)، لأنَّك إنْ أعطيتَ الكلامَ حَقَّهُ من الاستِواءِ لَزِمَكَ تأخيرُ (النارِ) المجرورةِ بـ (كُلٍّ) المُقَدّرةِ كما أخّرْتَ (كُلًّا) الأولى، فكنتَ تقول: اتَحْسِبِينَ امرَأً كُلَّ امْرِيءٍ وتَحْسِبِينَ نارًا نار تريدُ كُلَّ نارٍ، وقد تَقَدمَ فَسادُ ذلك، وكذلك المسائل التي ذَكَر في آخِرِ البابِ قِياسُها كُلُّها واحِدٌ، وهي بمنزلة الأبياتِ والآياتِ (١٥٧) لا فَرقَ بينَها، فَتأَمَّلْ ذلك تَجِدْهُ [صحيحًا] جاريًا على أصلٍ مُطَّرِدٍ إنْ شاء الله، ومعاني الأبيات ظاهرةً مستَغْنِية عن التفسير.

وأنشد في بابٍ ترجمَتُهُ: هذا بابُ ما يجري على الموضعِ لا على الاسمِ الذي قبلَهُ، لعُقَيْبَةَ الأسدي (١٥٨).

[٤٩] مُعاوِيَ إنَّنا بَشَرٌ فأسْجِحْ … فلَسْنا بالجبالِ ولا الحَديدا

[أديروها بَني حَرْبٍ عليكُم … ولا تَرْموا بها الغَرَضَ البعيدا] (١٥٩)


(١٥٦) الكتاب ١/ ٣٣، شعره: ٣٥٣، وأبو دواد هو جارية بن الحجاج، وقيل: حنظلة بن الشرقي، وهو شاعر جاهلي، اشتهر بإجادة نعت الخيل. (الشعر والشعراء: ٢٣٧، الأغاني ١٦/ ٢٩٤، الخزانة ٤/ ١٩٠).
(١٥٧) في ط: والأبيات.
(١٥٨) البيت له في: الكتاب ١/ ٣٤، شرح أبيات سيبويه ١/ ١٩٩، النكت ٢٠٥، الإنصاف ٣٣٢، وبلا عزو في المقتضب ٤/ ١١٢، منثور الفوائد ٣٢، ونسب إلى عبد الله بن الزبير الأسدي في شعره: ١٤٥، وعقيبة بن هبيرة الأسدي، شاعر جاهلي إسلامي. (سمط اللآليء ١٤٩، الخزانة ١/ ٣٤٣).
(١٥٩) ينظر في هذا البيت والذي بعده: شرح أبيات سيبويه ١/ ١٩٩، الخزانة ١/ ٣٤٣ - ٣٤٤.

<<  <   >  >>