للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

إليه المأمورُ عليه، لأنّ المأمورَ لا يكونُ مِن المُنهي بوجهٍ وإنْ كانَ أُمورًا، وكذلك العَقرُ لا يَجوزُ أنْ يُضافَ إلى ضَميرِ الرَدِّ وإنْ كانَ الرَدُّ ملتبسًا بالخَيلِ، لأنّه لا معنى له إذْ ليسَ الرَدُّ بالخَيلِ ولا العَقْر واقِعًا به في التَحصيلِ.

فقَدْ بطلَ مذهَبُ سيبويه وصَحَّ التأويلُ الذي ذَكَرنا في البيتين مع السَماع مِن العربِ ووجودِه في القرآن والشِعر، قال اللهُ ﷿: "واختِلافِ الليلِ والنَهارِ وما [أنزَلَ اللهُ من السماءِ من رِزقٍ فأحْيا به الأرض بعدَ مَوتِها] (١٤٦)، وتَصريفِ الرياحِ آياتٍ" (١٤٧) وَآيات، فالرَفعُ على موضع إنَّ، والنَصبُ على المنصوبِ بها (١٤٨)، وقد حَذَف الجارّ من الخبرِ كما ترى.

ولا يُلْتَفَتُ إلى ما تأوَّلَ (١٤٩) النحويَون في الآيةِ ممَا ذكرناه في كتاب (النكت) (١٥٠) عنهم، مع الشاهد القاطع في قوله (١٥١) ﷿: "للذينَ أحْسَنوا الحُسْنَى وزِيادَةً" (١٥٢) إلى آخِرِ الآيةِ، ثُمَّ قال: "والذين كَسَبوا السَيئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بمِثْلها" (١٥٣)، فالتقديرُ للذين أحسَنوا الحُسْنى وللذين أساءوا جَزاءُ بالسَيئِّة، فَحذَفَ مِن الآخِرِ حَرفَ الجَرِّ لذِكْرِهِ في الأول، فهذا (١٥٤) كقولك: لزيدٍ عَقْل وعمروٍ أَدَبٌ تريد ولعمرٍو أدَبٌ، وكذلك ما حكاه سيبويه مِن قولِ العرب: ما كُلُّ سَوداءَ تَمرةً ولا بيضاءَ شَحْمة (١٥٥)، أرادَ ولا كُلُّ بَيضاءَ شَحْمَة، فحذَفَ (كُلًّا) من الآخِرِ كما حُذِفَ حَرفُ الجَرِّ في فيما ذكرناه.


(١٤٦) في ط: إلى قوله.
(١٤٧) الجاثية: ٥.
(١٤٨) قرأ حمزة والكسائي بنصب آيات، وقرأ الباقون بالرفع، وهي في المصحف بالرفع. مختصر في شواذ القرآن ١٣٨، الكشف عن وجوه القراءات ٢/ ٢٦٧، التيسير ١٩٨.
(١٤٩) في ط: تأوله.
(١٥٠) ينظر: النكت ٢٠١ - ٢٠٢.
(١٥١) في ط: وهو قوله.
(١٥٢) يونس: ٢٦.
(١٥٣) يونس: ٢٧.
(١٥٤) في ط: فهكذا قولك.
(١٥٥) الكتاب ١/ ٣٣.

<<  <   >  >>