للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

كُلُّ أجَشَّ حالِكِ السَوادِ

الشاهِدُ فيه رَفْعُ كُلِّ (أجَشّ) وحَمْلُه على المعنى؛ لأنَّه لمَّا قال: أَسْقى الإله جَنَباتِ الوادي كُلُّ مُلِثٍّ غادٍ، عُلِمَ أنَّ ثَمَّ سَحابًا يَسْقيها فكأنَّه قال: سَقاها كُلُّ أجَشَّ.

والأجَشُّ: الشَديدُ صَوتِ الرَعْدِ. والحالِكُ: الشَديدُ السَوادِ وذلك أَخْلَقُهُ للمَطَرِ. والمُلِثُّ من المَطَرِ: الدائمُ الملازمُ، ويقال: أَلَثّ بالموضع إذا أقامَ به. ومعنى أَسْقَى جَعَلَ (٦٠٨) لها سُقْيًا تقول: سَقَيْتُك ماءٌ إذا ناوَلْتَهُ إيَّاه يَشْرَبه، وأَسقيك إذا جَعَلْتَ (٦٠٩) له سُقْيًا.

وأنشد في بابٍ ترجَمَتُه: هذا بابُ ما ينتصبُ على إضمارِ الفِعلِ المتروكِ إظهارُهُ في غَيرِ الأمرِ والنَهْيِ، للعَبَّاس بن مرداس (٦١٠):

[٢٢٨] أَبا خُراشَةَ أَمَّا أَنْتَ ذا نَفَرٍ … فإنَّ قَومِيَ لم تَأكُلْهُمُ الضَبُعُ

الشاهِدُ فيه حَمْلُ (ذا نَفَرٍ) على إضمارِ (كانَ)، والتقديرُ لأنْ كنتَ ذا نَفَرٍ، فَحُذِفَتْ (كانَ) وجُعِلَتْ (ما) لازِمَةٌ لِـ (أَنْ) عِوَضًا من حَذْفِ الفِعلِ بعدَها، ومعنى الكلامِ الشَرطُ ولذلك دَخَلتِ الفاءُ جَوابًا لِـ (أَمَّا)، وقد بَيَّنْتُ [عِلَّةَ] هذا على مذهبِ سيبويه في كتابِ "النكت" (٦١١).

والضَبُعُ هنا السَنَةُ الشَديدةُ؛ أي: أنْ كُنْتَ كثيرَ القومِ عَزيزًا؛ فإنَّ قَومي مَوْفورون لم تُهْلِكُهم السِنونَ.


(٦٠٨) في ط: حصل.
(٦٠٩) في ط: حصلت.
(٦١٠) الكتاب ١/ ١٤٨، ديوانه ١٣٨، والعباسُ بن مرداس بن أبي عامر بن حارثة الصحابي، أحدُ فرسان الجاهلية وشعرائها، وقد أسلم قبل فتح مكة بيسير، وأُمُّهُ الخنساء الصحابية الشاعرة. (الشعر والشعراء: ٣٠٠، معجم الشعراء: ١٠٢، الخزانة ١/ ٧٣).
(٦١١) ينظر: النكت ٣٥٧.

<<  <   >  >>