للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٦٦٥] فَقُلْتُ له: صَوِّبْ، ولا تَجْهَدَنَّهُ … فَيُدْنِكَ مِن أُخْرى القّطاةِ فَتَزْلَقِ

الشاهدُ فيه جَزْمُ (فَيُدْنِكَ) حَمْلًا على النَهْي؛ أيْ: لا تَجْهَدْهُ (١٥٩٨) ولا يُدْنِكَ، ولو أَمْكَنَهُ النَصبُ بالفاءِ على جَوابِ النَهْيِ لجازَ.

يقول هذا لغُلامِهِ وقَد حَمَلَه على فَرَسِهِ ليصيدَ له، ومعنى صَوِّبْ خُذِ القَصْدَ في السَيرِ وارفقْ بالفَرَسِ ولا تَجْهَدْهُ. وأُخْرى القَطاةِ: آخِرُها، والقَطاةُ: مَقْعَدُ الرِدْفِ. ويُروى (فَيُذْرِكَ) أَيْ: يَرْمي بكَ، يقال: أَذْراهُ عَن فَرَسِهِ إذا رَمَى به.

وأنشد في البابِ للشَمّاخِ (١٥٩٩):

[٦٦٦] وَدَوِّيَّةٍ قَفْرٍ تُمَشَّي نَعَامُها … كمَشْيِ النَصارَى في خِفافِ الأرَنْدَجِ

الشاهدُ فيه حَذْفُ جوابهِ (رُبَّ) لِعِلْمِ السامع، والمعنى رُبَّ دَوِّيَّة قَطَعْتُ ونحوه.

وقَدْ رُدَّ (١٦٠٠) عليه ما تَأَوَّلَهُ مِن حَذْفِ الجواب، وزَعَم الرادُّ أنَّ بعدَه (١٦٠١):

قَطَعْتُ إلى مَعْروفِها مُنْكَراتِها … وقَدْ خَبَّ آلُ الأمْعَزِ المَتَوَهِّجِ

والحُجَّةُ له أنَّه لَمْ يَرْوِ ما بَعدَه، أو أَخَذَ البيتَ مُفْرَدًا عَمَّنْ رَواه له مِن العَرب، مع إِجماعِ النَحويين على جَوازِ الحَذْفِ في مِثْلِ هذا كما قالَ اللهُ. ﷿: "وَلَوْ أنَّ قُرْآنًا سُيِّرَتْ بهِ الجِبالُ" (١٦٠٢) فَلَمْ يأْتِ ل (لَوْ) بجوابٍ، والمعنى لكانَ هذا القُرآنُ.

والدَوِّيَّةُ: الصَحراءُ. ومعنى تُمَشِّي تُكْثِرُ المَشْيَ، وشَبَّهَ أَسْوقَ النَعامِ في سَوادِها بِخِفافِ الأرَنْدجِ وهو الجِلْدُ الأسوَدُ، وخَصَّ النصارَى لأنَّهم معروفونَ بِلِباسِها.


(١٥٩٨) في ط: لا تَجْهَدَنَّه.
(١٥٩٩) الكتاب ١/ ٤٥٤، ديوانه ٨٣، وروايته فيه: وداوِيَّةٍ.
(١٦٠٠) رَدّ عليه المبرّدِّ ما تأوَّلَهُ في الانتصار ١٠٥.
(١٦٠١) ديوان الشَمّاخ ٨٤.
(١٦٠٢) الرَعْد: ٣١.

<<  <   >  >>