للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٣٠٥] فَوَرَدْنَ والعَيُّوقُ مَقْعَدَ رابِئِ الـ … ــضُّرَباءٍ خَلْفَ النَجْمِ لا يَتَتَلَّعُ

الشاهدُ فيه نَصْبُ (المَقْعَدِ) (٧٦٥) على الظَرفِ مع اخِتصاصِهِ، تَشبيهًا له بالمكانِ، لأنَّ مَقْعَدَ الرابِئِ مكانٌ من الأماكنِ (٧٦٦) المخصوصةِ، والفِعلُ يَعملُ في المكانِ "هذا اللفظ" مُختَصًا ومُبْهَما، وجازَ ذلك في مِثلِ مَقْعَدِ رابِئِ الضُرَباءِ ولم يَجُز في الدارِ ونَحوِها، لأنّهم أرادوا به التَشبيهَ والمَثَلَ فكأنّهم قالوا: والعَيّوقُ من الثُرَيّا مكانًا قريبًا مثلَ مكانِ قُعودِ الرابئِ من الضُرَباءِ، فحَذَفوا اختصارًا وجَعَلوا المَقْعَدَ ظَرفًا لذلك، ولا تَقَعُ الدارُ ونَحوُها هذا الموقعَ فلذلك اختَلَفَ حُكْمُهما.

وَصَفَ حُمُرًا وَرَدتِ الماءَ في وَقتٍ من الليلِ بَدَتْ فيه الثُرَيّا مُكَبِّدَةً للسماءِ، والعَيُّوقُ خَلْفَها قد دَنا في رأي العينِ منها لاستعِلائهما، فشَبَّهَ مكانَهُ منها بمَقْعَدِ الرابئِ من الضُرَباءِ، والرابئُ: الأمينُ على القِداحِ الحَفيظُ عليها، وأرادَ بالنجمِ الثُرَيّا وهو عَلَمٌ لها. والضُرَباءُ: الضاربونَ بالقداحِ في الميسِرِ. ومعنى يَتَتَلَّعُ يَبْعُدُ ويرتفعُ. والتَلْعَةُ: ما ارتَفَعَ مِن الأرضِ.

وأنشد في البابِ للأحوصِ بن محمد الأنصاري (٧٦٧):

[٣٠٦] فإنَّ بَني حَرْبٍ كما قَدْ عَلِمْتُمُ … مَناطَ الثُرَيّا قَدْ تَعَلَّتْ نُجُومُها

الشاهدُ فيه نَصْبُ (مَناطِ الثُرَيّا) على الظَرفِ، والقَولُ فيه كالقَولِ في الذي قَبْلَه.

يقول: هُم في ارتفاعِ المنزلةِ وعلو المرتبةِ كالثُّرَيّا إذا استَعْلَتْ، وصارَتْ على قِمَّةِ الرأسِ. ومَناطُها: مَعْلَقُها في السَماءِ، وهو مِن نُعْلتُ الشَيءَ أَنُوطُهُ إذا عَلَّقْتَهُ.


(٧٦٥) في ط: مَقْعَد.
(٧٦٦) في ط: الأمكنة.
(٧٦٧) في ط والكتاب ١/ ٢٠٦: الأحوص، وهو تحريف، والبيت للأحوص الأنصاري في شعره: ١٩١، ولعبد الرحمن بن حَسّان في: ديوانه ٥٢، شرح أبيات سيبويه ١/ ٢٠٢، الأمالي الشجرية ٢/ ٢٥٤، وهو بلا عزو في: المقتضب ٤/ ٣٤٣، الأصول ١/ ٢٤١، المخصص ١٣/ ٥٤.

<<  <   >  >>