للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأنشد في البابِ لرجُلٍ مِن [بني] فَزَارَةَ (١٦٥٢):

[٦٨٩] ولَقَدْ طَعَنْتَ أبا عُيَيْنَةَ طَعْنَةٌ … جَرَمَتْ فَزارَةَ بَعدها أَنْ يَغْضَبوا

الشاهدُ في قَولِهِ: (جَرَمَتْ فَزارَةَ)، ومعناها على مذهب سيبويه حَقَّتْها للغَضَب، لأنَّه (١٦٥٣) فَسَّرَ قَولَهم: لا جَرَمَ أنه سيَفْعَلُ، على معنى حَقٍّ أنَّه يَفْعَل، و (لا) عنده زائدةٌ إلَّا أَنَّها لَزِمَتْ (جَرَمَ) لأنَّها كالمَثَل.

وغَيرُهُ يَزعُمُ (١٦٥٤) أنَّ معنى قولِهِ: (جَرَمَتْ فَزارَةَ أنْ يَغْضَبوا) أكْسَبَتْهُم الغَضَبَ، مِن قولِهِ جلَّ وعَزَّ: ﴿وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ﴾ (١٦٥٥) أيْ: لا يَكْسِبَنَكُم، ويقال: حَقَقْتُهُ أنْ يَفعلَ بمعنى أَحْقَقْتُهُ، وحَقَّقْتُهُ أيْ: جَعَلْتُهُ حَقِيقًا بِفِعْلِهِ.

وأنشد في البابِ للنابغة الجَعْدِيّ (١٦٥٦):

[٦٩٠] قُرُومٍ تَسَامَى عندَ بابٍ دِفاعُهُ … كأنْ يُؤخَذُ المَرء الكريمُ فَيُقْتَلا

الشاهدُ فيه حَذْفُ (ما) ضَرورةً مِن قَولِهِ: (كَأَنْ يُؤخَدُ)، والتقديرُ عندَه كما أنه يؤخذ.

وقَدْ خُولِف (١٦٥٧) في هذا التقدير، وجُعِلَتْ (أَنْ) الناصِبَةَ للفعل ونَصَبَ بَعدَها (يُؤخَذ)، واستَدلَّ صاحِبُ هذا القَولِ على ذلك بقولِهِ: (فَيُقْتَلا) بالنَصْبْ، وجَعَلَ


(١٦٥٢) البيتُ لأبي أسماء بن الضريبة أو لعطية بن عفيف في: مجاز القرآن ١/ ٣٥٨، شرح أبيات سيبويه ٢/ ١٣٤، الاقتضاب ٣١٣، الخزانة ٤/ ٣١٠ - ٣١٤، وهو لأبي أسماء في اللسان (جرم)، ولم يذكر اسمه في: الكتاب ١/ ٤٦٩، معاني القرآن ٢/ ٩، مجاز القرآن ١/ ١٤٧، المقتضب ٢/ ٣٥٢، الزاهر ١/ ٣٧٦، النكت ٧٧٨، المخصص ١٣/ ١١٧، شرح الكافية ٢/ ٣٥١.
(١٦٥٣) ينظر: الكتاب ١/ ٤٦٩.
(١٦٥٤) ينظر: الزاهر ١/ ٣٧٦، النكت ٧٧٩.
(١٦٥٥) المائدة: ٢ و ٨.
(١٦٥٦) الكتاب ١/ ٤٧٠، شعره: ١٣١.
(١٦٥٧) يعني بذلك أبا عثمان المازني الذي كان ينشدُ البيت بنصب (يؤخذ). ينظر: الأصول ١/ ٣٣٨.

<<  <   >  >>