للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وأنشد في [هذا] الباب للنابغةِ الذُبياني (٧٣٠):

[٢٨٦] وحَلَّتْ بُيُوتي في يَفَاع مُمَنَّعٍ … يُخالُ به راعي الحَمولَةِ طائِرا

حِذارًا على أنْ ألّا تُصابَ مَقَادَتي … ولا نِسْوَتي حَتّى يَمُتْنَ حَرائرا

الشاهدُ فيه نَصْبُ (حِذارٍ) على المفعولِ له "كما تَقَدّم".

يقولُ هذا للنُعمان بن المنذرِ وكانَ واجِدًا عليه، أي: لا أوذيكَ بهَجْوٍ ولا ذَمٍّ وإنْ كنتُ بحيثُ لا أخافُكَ وَفاءً بحَقِّ نعمتك وقَضاءً لِما يَلْزَمُني من مُراعاةِ أَمْرِكَ. واليَفاعُ: ما ارتَفَع من الأرضِ، وجَعَل راعي الحمولةِ فيه كالطائرِ لإشْرافِهِ وبُعْدِهِ في السماءِ، وكُلُّ ما أَشرَفَ فالكبيرُ يَبْدو فيه صَغيرًا، وما اطمَأَنَّ واتَّسَعَ ظَهَرَ الصَغيرُ فيه كبيرًا، فلذلك جَعَلَه كالطائرِ، ويَحتملُ أنْ يُريدَ أَنَّه كالطائرِ المُحَلِّقِ في الهواءِ. والمَقَادَةُ: الطاعَةُ والانْقِيادُ. والحَرائرُ جَمعُ حُرَّةٍ على غَيرِ قياسٍ، وقد قيلَ: واحِدَتُها حَرِيرةٌ بمعنى حُرَّةٍ، وهو غَريبٌ.

وأنشد في الباب للحارثِ بن هشام المخزومي (٧٣١):

[٢٨٧] فَصَفَحْتُ عَنْهُم والأَحِبَّةُ فيهمُ … طمَعًا لهم بِعِقابِ يَومٍ مُفْسِدِ

الشاهدُ فَيه نَصْبُ (طمَعٍ) على المفعولِ له كما تَقَدّمَ في الذي قَبلَه.

يقولُ هذا معتَذِرًا من فِرارِهِ يومَ قُتِلَ أبو جَهْلٍ أخوه ببَدْرٍ، وهو من أحسَن الاعتِذارِ فيما يأتيه الرَجُلُ من قَبيحِ الفعلِ، أيْ: لَمْ أَفِرَّ جُبْنًا ولم أَصْفَحْ عنهم خَوَرًا وضَعْفًا، ولكنْ طَمَعًا في أنْ أَعِدَّ لهم وأُعاقِبَهُم بيومٍ أوقِعُ بهم فيه فتَفْسُدَ أحوالُهم.


(٧٣٠) الكتاب ١/ ١٨٥، وفيه: لا تُنَال، ديوانه ١٣٣ - ١٣٤.
(٧٣١) البيتُ للحارث في: الكتاب ١/ ١٨٥، الأصول ١/ ٢٥٠، شرح أبيات سيبوبه ١/ ٣٥ - ٣٦. شرح المرزوقي ١٨٨ - ١٩٠، شرح المفصل ٢/ ٥٤، والحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي، كان شريفًا في الجاهلية والإسلام. (الاستيعاب ١/ ٣٠١، الإصابة ١/ ٢٩٣).

<<  <   >  >>