للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٥٤٦] ما بِالمَدينةِ دارٌ غَيرُ واحِدَةٍ … دار الخِلافَةِ إلَّا دارُ مَرْوانا

الشاهد فيه إجْراءُ (غَيرٍ) على الدارِ نَعْتًا لها فلذلك رَفَعَ ما بَعدَ (إلَّا)، والمعنى ما بالمدينةِ دارٌ هي غَيرٌ واحدةٍ وهي دارُ الخِلافةِ (١٣٣٩)، إلَّا دارُ مَرْوانَ، وما بَعدَ (إِلَّا) بَدَلٌ من (دارٍ) الأولَى، ولو جَعَلَ (غَيرَ واحدةٍ) استثناءً بمنزلةِ (إلَّا واحدةً) لجازَ نَصْبُها على الاستثناءِ ورَفْعُها على البَدَلِ، ولو رُفِعَتْ على البَدَلِ نُصِبَ ما بَعْدَ (إلَّا) لأنّه استثناءٌ بَعدَ استثناءٍ، فلابُدَّ من رَفْعِ أحَدِهما ونَصْبِ الآخَرِ على ما بَيَّنَهُ في البابِ (١٣٤٠).

ومعنى (غَيرِ واحدةٍ) إذا كانَتْ (غَيرُ) نَعْتًا؛ أيْ: هي مُفَضَّلَةٌ على دورٍ، ودارُ الخِلافةِ (١٣٣٩) تَبْيِينُ للدارِ الأُولَى وتَكْرِيرٌ، وأرادَ مروانَ بنَ الحَكَمِ .

وأنشد في البابِ (١٣٤١):

[٥٤٧] مالَكَ مِن شَيْخِكَ إلَّا عَمَلُهْ

إلَّا رَسِيمُهُ وإِلّا رَمَلُهْ

الشاهد فيه تَبْيِينُ الأوّلِ بالآخِرِ على حَدِّ قولك: ما جاءَني إلَّا زَيدٌ إلَّا أَبو عبدِ اللَّه؛ إذا كانَ أبو عبدِ اللَّه كُنْيَةً لزيدٍ، فأبو عبدِ اللَّهِ بَدَلٌ مِن زيدٍ وتَبْيِينٌ، و (إلَّا) مؤكدَةٌ، وكذلك الرَسِيمُ والرَمَلُ (١٣٤٢) وهما ضَرْبان مِن السَيرِ بَدَلٌ مِن العَمَلِ وتَبْيِينٌ له، و (إلَّا) مؤكدَةٌ مُكَرَّرَةٌ.

وأرادَ بالرَسِيمِ السَعْيَ بينَ الصَفَا والمَرْوَةِ، وبالرَمَلِ السَعْيَ في الطَوافِ؛ أيْ: لا مُنْتَفَعٌ فيَّ ولا عَمَلٌ عندي أفُوتُ به غَيرِي إلَّا هذا.

وأنشد في بابٍ ترجَمَتُه: هذا بابُ ما يُحذَفُ المستَثْنى منه (١٣٤٣) استِخْفافًا، للنابغةِ


(١٣٣٩) في ط: الخليفة.
(١٣٤٠) ينظر الكتاب ١/ ٣٧٣.
(١٣٤١) الشاهد بلا عزو في: الكتاب ١/ ٣٧٤، النكت ٦٤٢، شرح جمل الزجاجي ٢/ ٢٥٧، المقاصد النحوية ٣/ ١١٧، الأشموني ٢/ ١٥١.
(١٣٤٢) الرَمْلُ ليسَ بَدَلًا من العَمَلِ وإنَّما هو معطوفٌ على الرَسِيمِ.
(١٣٤٣) في ط: فيه.

<<  <   >  >>