للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

[٥٣] فأصْبَحوا والنَوَى عالي مُعَرّسِهِم … وليس كُلَّ النَوَى يُلْقِيِ المَسَاكينُ

استشهد به على الإضمارِ في (ليسَ)، لأنَها فِعلُ وجَعَلَ الدليلَ على ذلك إيلاءَها المنصوبَ بغيرِها، وشَرْطُ العامِلِ ألا يُفْصَلَ بينَهُ وبينَ معمولِهِ بما لم يَعْمَلْ فيه، لأنَّ ما عَمِلَ فيه مِنْ سَبِبِه فَلا يُفْصَلُ بينَهُ وبَينَهُ بأجنبيٍّ ليسَ مِنهُ.

وَصَفَ في البيتِ أضيافًا نَزَلوا به، وقبلَ البيتِ (١٦٥):

باتُوا رجُلَّتُنا الصَهْباءُ بَينَهُمُ … كأنَّ أَظْفارَهُم فيها السَكاكِينُ

والجُلَّةُ: قُفَّةُ التَمرِ تُتَخَذُ من سَعفِ النَخلِ ولِيفِهِ فلذلك وَصَفها بالصُهْبَةِ.

فيقول: لمَّا أصْبَحوا ظَهَرَ على مُعَرَّسِهِم وهو موِضعُ نُزولهم نَوَى التَمرِ وعَلاه لكَثْرتِهِ، على أنَّهم لحاجَتِهم لَمْ يُلْقُوا إلا بَعضَهُ، وإنما (١٦٦) أشارَ إلى كثرةِ ما قَدْمَ لهم مِنه وكثرةِ أكْلِهم له، ونَصَبَ (كُلًّا) بـ (يُلْقي)، والجملةُ تَفسيرٌ للمُضْمَر في (ليسَ) وخَبَرٌ عنه.

وأنشد في البابِ للعُجَيرِ السَلُولي (١٦٧):

[٥٤] إذا مُتُّ كانَ الناسُ صِنْفانِ شامِتٌ … وآخَرُ مُثْنٍ بالذي كُنتُ أصْنَعُ

استشهد به على الإضمارِ في (كانَ) كما تَقَدَّمَ في (ليسَ)، ولو لَمْ يُضْمِر لنَصَب الخَبَرَ فقال: صِنْفَينِ. ومعنى البيتِ ظاهِر مِن لفظه.

وأنشد في الباب لهِشام أخي ذي الرُمة: (١٦٨):

[٥٥] هِي الشِفاءُ لِدائي لو ظَفِرْت بها … وليسَ منها شِفاءُ الداءِ مَبْذولُ


(١٦٥) البيت له في: شرح أبيات سيبويه ١/ ١٢٢، النكت ٢٠٨، أمالي الشجري، ٢/ ٢٠٣ - ٢٠٤.
(١٦٦) في ط: وذا إشارة.
(١٦٧) الكتاب ١/ ٣٦، شعره: ٢٢٥.
(١٦٨) البيتُ له في: الكتاب ١/ ٣٦، شرح أبيات سيبويه ١/ ٢٧٩، النكت ٢٠٩، شرح شواهد المغني ٧٠٤، وهشام بن عقبة أخو ذي الرمة الأكبر، وهو الذي رباه. (الشعر والشعراء ٢٧٤، معجم الشعراء ٢٨٤).

<<  <   >  >>