للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ما قَبْلَها.

يَقولُ: إذا طَرَقَني الضَيْفُ نَحَرْتُ له وإنْ كُنتُ مُعْسِرًا، وأَرْفَعُ ناري بالتَلِّ ليَعْشُوَ إليها (١٦٣٠) المُحْتاجُ إذا أَخفَى غَيرِي نارَهُ لِلُؤْمِه، وأَقومُ بحَقِّ جارِيِ وأَعطِفُ عليه وأُواسِيهِ. والعِشارُ جَمعُ عُشَراءَ وهي التي أتَى عليها مِن حَمْلِها عشرةُ أَشْهُرٍ.

وقَولُهُ: (أَنّي) بالفَتحِ محمولٌ على البَدَلِ مِن العَقْر؛ لأنَّ عَقْرَ العِشارِ مشتملٌ على إِيقادِ النارِ ودالٌّ عليه، فكأَنَه قالَ: عَوَّدْتُ قَومي أَنِّي أُوقِدُ النارَ لطارِقِهم (١٦٣١)، وكَسْرُ (إنَّ) هُنا (١٦٣٢) أجودُ على الاستِئنافِ والقَطْع.

والمُرْمِلَةُ: الجماعَةُ التي نَفِدَ زادهُا، ورَجُلٌ مُرْمِلٌ: لا شَيءَ له، مُشْتَقٌّ مِن الرَمْلِ كأنَّه لا يَمْلِكُ غَيرَه كما يُقالُ: تَربَ الرَجُلُ إذا افتَقَرَ، والتَلُّ: ما ارتفَعَ من الأرضِ. وقَولُه: (ذاكَ وإنّي) أيْ: أَمْرِي وشَأْني ذاكَ. والحَدَثُ: الَعطْفُ، وقَدْ حَدبَ عليه إذا عَطَفَ، والحُنُوُّ مِثْلُهُ.

وأنشد في بابٍ ترجَمَتُه: هذا بابٌ آخَرُ مِن [أَبوابِ] أَنَّ، للفرزدق (١٦٣٣):

[٦٨٠] مَنَعْتُ تَمِيمًا مِنكَ أَنِّي أنا ابنُها … وشاعِرهُا المَعْروفُ عندَ المَواسِمِ

الشاهدُ في جَوازِ فَتْحِ (أَنَّ) على معنَى لأنّي، وكَسْرِها على الاستِئنافِ والقَطْع.

يقولُ هذا لجريرٍ، وكِلاهُما مِن تَميمٍ، إلّا أنّه نَفَى عنها جَريرًا لَلُؤْمِهِ عندَهُ واحتِقارِهِ لَهُ، وجَعَلَ رَهْطَهُ منها غَيرَ مَعْدودٍ فيها، وجَعَلَ قَومَهُ بني دارِم ومَنْ كانَ مِثْلَهم في الشَرَفَ هُم تَميم في الحَقيقةِ.


(١٦٣٠) في ط: إليه.
(١٦٣١) في ط: لطارِق.
(١٦٣٢) في ط: ها هنا.
(١٦٣٣) الكتاب ١/ ٤٦٤ - ٤٦٥، شرح ديوانه ٨٥٧.

<<  <   >  >>