للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وعِكرِمَةُ مِن مُضَرَ كما تَقَدَّمَ، والمعنى خُذُوا حَظَّكُم مِن مَوَدَّتِنا ومُسالَمَتِنا، وكانوا قَدْ عَزَموا على غَزْوِ قَومِهِ.

وأنشد في البابِ لابنِ حبْناءَ التَمِيميّ (١٢٠٣):

[٤٩٥] إنَّ ابنَ حارثَ إن أَشْتَقْ لرُؤيَتِهِ … أو أَمْتَدِحْهُ فإنَّ الناسَ قَدْ عَلِمُوا

الشاهدُ فيه تَرخيمُ (حارثَةَ) وتَرْكُهُ على لَفظِهِ مفتوحًا كما كانَ قبلَ الترخيمِ، وهذا يُقوِّي مذهبَ سيبويه في حَمْلِهِ على وَجْهَي الترخيمِ في غيرِ النِداءِ كما كانَ في النداءِ جارِيًا عليهما، لأنّ حارِثَةَ هنا اسمُ رَجُل فإذا رُخِّمَ وأُعْرِبَ لم يَكُنْ له مانعٌ من الصَرْفِ، لأنّه ليسَ بقبيلةٍ ولا اسمٍ "ولا اسمٍ" لمؤنَّثٍ، وهو حارِثَةُ بنُ بَدرٍ الغُدانِي (١٢٠٤) سَيِّدُ بني غُدانَةَ بن يربوعِ بنِ حَنْظَلَةَ مِن تَميمٍ:

وأنشد في البابِ للأسودِ بنِ يَعْفُرَ (١٢٠٥):

[٤٩٦] أَوْدَى ابنُ جُلْهُمَ عَبّادٌ بِصِرْمَتِهِ … إنَّ ابنَ جُلْهُمَ أمسَى حَيَّةَ الوادِي

الشاهدُ في قولِهِ: (جُلْهُمَ) وأنّه أرادَ أُمَّهُ جُلْهُمَ، فلا تَرخيمَ فيه على هذا لأنّ العَرَبَ سَمَّتِ المرأة جُلْهُمَ بغير هاءٍ والرَجُلَ جُلْهُمَةَ بالهاءِ، كذا جَرَى استعمالُهم للاسمينِ، وإنْ كانَ أرادَ أباه فقَدْ رَخَّمَ على ما تَقَدَّمَ، والقَولُ فيه كالقولِ في الذي قَبْلَهُ.

والصرْمَةُ: القِطْعةُ من الإبِلِ ما بَينَ الثلاثين إلى الاربعين. ومعنى أودَى بها ذَهَب بها. وقولُه: أمسَى حَيَّةَ الوادِي، أيْ: يَحْمِي ناحِيتَهُ ويُتَّقَى منه كما يُتَّقَي مِن الحَيَّةِ الحامِيةِ لِوادِيها المانِعَةِ منه، والوادي: المُطْمئنُّ من الأرض.


(١٢٠٣) الكتاب ١/ ٣٤٣، شعره: ١٠٠، وابن حَبْناء هو المغيرة بن حَبْناء التميمي، أحد شعراء الدولة الأموية، وكان من رجال المهلب بن أبي صفرة. (الأغاني ١٣/ ٨١، المؤتلف والمختلف ١٤٨ - ١٤٩، معجم الشعراء: ٢٧٣).
(١٢٠٤) وهو أيضًا شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأُموية، وأحد فرسان بني تميم ووجوهها. (الأغاني ٢٣/ ٤٤٤).
(١٢٠٥) الكتاب ١/ ٣٤٤، ديوانه ٣٣.

<<  <   >  >>