للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

السُلَمِيّ (١٠٢٨):

[٤٢٧] ومُرَّةُ يَحْميهم إذا ما تَبَدَّوا … ويَطْعُنُهمُ شَزْرًا فأَبْرَحْتَ فارِسا

الشاهِدُ فيه نَصْبُ (فارسٍ) على التَمييز للنَوعِ الذي أوجَبَ لَهُ فيه المَدحَ.

والمعنى فأَبْرَحْتَ مِن فارسٍ؛ أَيْ: بالَغْتَ وتَناهَيْتَ في الفُروسِيَّة، وأصلُ أبرَحْتَ من البَراحِ وهو المُتَّسَعُ من الأرضِ المُتكَشِفُ؛ أَي: تَبَيَّنَ فَضْلُكَ تَبَيُّنَ البَراحِ من الأرضِ وما نَبَتَ فيه، يقول: إذا تَبَدَّدَتِ الخَيلُ؛ أَيْ: تَفَرَّقَتْ للغارةِ، رَدَّها وحَماها أي: حَمَى منها. والشَزْرُ: الطَعْنَ في جانبٍ، فإنْ كانَ مستَقيمًا فهو اليَسْرُ، والشَزْرُ أَشَدُّ منه لأنَّ مقاتِلَ الإنسانِ في جانبيهِ.

وأنشد في البابِ للأعشى (١٠٢٩):

[٤٢٨] فأَبَرَحْتَ رَبًّا وأَبْرَحْتَ جارا

الشاهِدُ فيه نَصْبُ (رَبٍّ وَجارٍ) على التّمييزِ.

والمعنى أَبْرَحْتَ من رَبٍّ ومن جارٍ؛ أي: بَلَغْتَ غايَةَ الفَضْلِ في هذا النَوعِ، وصَدرُ (١٠٣٠) البيت:

تَقولُ ابنَتي حِينَ جَدَّ الرَحيلُ … فأبْرَحْتَ رَبًّا وأَبْرَحْتَ جارا

والمعنى على هذا أبَرَح رَبُّكَ وأبْرَحَ جَارُكَ، ثُمَّ جُعِلَ الفِعلُ لغير الرَبِّ والجارِ فقال: أَبْرَحْتَ رَبًّا وأَبْرَحْتَ جارًا كما نقولُ: طِبْتَ نَفْسًا وقَررتَ عِيْنًا أيْ: طابَتْ نَفْسُك وقرَّتْ عَينُك، وهذا أبيَنُ من التفسير الأوَّل وعليه يدلُّ صَدرُ البيتِ. وأرادَ بالرَبِّ المَلِكَ الممدوحَ، وكُلُّ مَنْ مَلَكَ شيئًا فهو رَبُّهُ.

وأنشد في بابٍ ترجَمَتُه: هذا بابُ ما لا يَعملُ في المعروفِ إلَّا مُضْمَرًا، لبعضِ


(١٠٢٨) الكتاب ١/ ٢٩٩، ديوانه ٧١.
(١٠٢٩) الكتاب ١/ ٢٩٩، ديوانه ٩٩.
(١٠٣٠) الصواب أن يقول: وتمامُ البيت.

<<  <   >  >>