للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

والمَرِيرةُ: الحبْلُ المُحْكَمُ الفَتْلِ، وهي أيضًا طاقةٌ من طاقاتِ الحَبْلِ.

وأنشد في البابِ لعَبْدِ يَغُوثَ بن وقّاصٍ الحارِثيّ (١٠٦١)، ويروى لمالِكِ بنِ الرَيْبِ (١٠٦٢):

[٤٤١] فَيا راكبًا إمّا عَرَضْتَ فَبَلِّغَنْ … نَدامايَ مِن نَجْرانَ أَنْ لا تَلاقِيا

الشاهدُ فيه نَصْبُ (راكِبٍ) لأنّه مُنادًى منكورٌ، إذْ لم يَقْصِدْ [به] قَصْدَ راكِبٍ بعينِهِ، إنّما التَمَسَ راكبًا مِنَ الرُكْبانِ يُبْلِغُ قومَهُ خَبرَهُ وتِحِيَّتَهُ، ولو أرادَ راكبًا بعَيْنِهِ لَبَناهُ على الضمِّ، ولم يجُزْ له تَنوينُهُ ونَصْبهُ لأنّه ليسَ بعده شَيءٌ نكرةٌ يكونُ مِن وَصْفِهِ كما تقَدَّمَ في الذي قَبْلَه.

وإنّما قال هذا لأنّه كانَ أَسِيرًا، وإنْ كان البيتُ لمالك بن الرَيْبِ فإنّه قالَهُ في غُرْبَتِهِ وعند مَوْته بخُراسانَ غازِيًا، وقصَّتُهُ مشهورةٌ.

وأنشد في الباب للطِرِمَاحِ (١٠٦٣):

[٤٤٢] يا دارُ أقُوَتْ بَعْدَ أَصْرامِها … عامًا وما يَعْنِيكَ مِنْ عامِها

والشاهدُ فيه رَفْعُ (الدارِ) وإنْ كانَ بَعدَها الفِعلُ، وكان الظاهِرُ أنْ تُنْصَبَ على ما تَقَدّمَ، إلّا أنّه لَمْ يَجْعَل (أقْوتْ) في موضع الوَصْفِ "لها"، إنّما ناداها ثُمَّ جعَل يُخاطِبُ غيرها ويُخْبِرُه عنها فقال: اقْوَتْ هذه الدارُ بعد أَصرامِها، أيْ: أقْفَرَتْ بَعدَ أهِلها.


(١٠٦١) البيتُ لعبد يَغْوث في: الكتاب ١/ ٣١٢، المفضليات ١٥٦، شرح المفصل ١/ ١٢٨، اللسان (عرض)، المقاصد النحوية ٤/ ٢٠٦، الخزانة ١/ ٣١٣، وعبد يغوث شاعر جاهلي، قُتل يوم الكُلاب الثاني وكان على مذحج. (الاشتقاق ٤٠١، الأغاني ١٦/ ٢٥٤).
(١٠٦٢) كان مالك بن الرَيْب لصًا فاتكًا، لحق بسعيد بن عثمان بن عفان فغزا معه خراسان، وفيها ماتَ. (الشعر والشعراء: ٣٥٣، الأغاني ٢٢/ ٣٠٤، الخزانة ١/ ٣٢١).
(١٠٦٣) الكتاب ١/ ٣١٢، ديوانه ٤٣٩، والطِرِمّاح بن حكيم الطائي، شاعر وخطيب من الخوارج. (الشعر والشعراء: ٥٨٥، الأغاني ١٢/ ٣١).

<<  <   >  >>