للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وكانَ هذا الشاعرُ مِمَّنْ يَبَرَّ أُمَّهُ ويَخْدُمُها، وكانت مع ذلك تُؤثِرُ أخًا لَهُ عليه يقال: جُندبٌ، وقَبْلَه:

وإذا تكونُ كريهَةٌ أُدْعَى لها … وإذا يُحاسُ الخَيْسُ يُدْعَى جُندبُ

فَعَجِبَ من ذلك ومِن صَبْرِه عليه.

وأنشد في الباب (٦٦٠):

[٢٥٤] فقالَتْ: حَنَانٌ ما أَتَى بكَ ها هُنا … أَذُو نَسَبٍ أَمْ أَنتَ بالحَيِّ عارِفُ

الشاهدُ فيه رَفْعُ (حَنانٍ) باضمارِ مبتَدَإٍ، والتقديرُ أَمْرُنا حَنانٌ ونَحْوُهُ مِمّا يَقومُ به المعنى، وهو مع رَفْعِهِ نائبٌ منابَ المَصْدرِ الموضوعِ بَدَلًا من اللفظِ بالفعلِ، فلذلك جَرَى مَجْراه في الإِفْرادِ والتنكيرِ.

وَصَفَ أَنَّه فاجَأَها فأنكَرَتْهُ وتَعَّرفَتِ السَبَبَ الموجِبَ لإِتْيانِهِ، هل هو لنَسَبٍ بَيْنَهُ وبينَ حَيِّها أَوْ (٦٦١) لمعرفةٍ كانت بَينَه وبينَهم، فكأنَّها تَوَقَّعَتْ عليه قَومَها فلذلك تَحَنَّنَتْ عليه، والحَنانُ: الرَحمَةُ.

وأنشد في البابِ (٦٦٢):

[٢٥٥] يَشْكُو إليَّ جَمَلِي طُولَ السُرَي … صَبْرٌ جَميلٌ فكِلانا مُبْتَلَى

الشاهدُ فيه رَفْعُ (صَبْرٍ جَميلٍ) مع وَضْعِهِ موضعَ الفِعلِ، والوَجْهُ فيه النَصْبُ لأنّه أَمْرٌ لا يقع موقِعَهُ الخَبَرُ، وتقديرُ سيبويه في هذا أن يحملُه على إضمارِ مبتدأٍ أو إضمارِ


(٦٦٠) للمنذر بن درهم الكلبي في: شرح أبيات سيبويه ١/ ١٦١ - ١٦٢، معجم البلدان ٣/ ٩٤ - ٩٥ (روضة المثري)، الخزانة ١/ ٢٧٣، وهو بلا عزو في. الكتاب ١/ ١٦١، المقتضب ٣/ ٢٢٥. شرح المفصل ١/ ١١٨.
(٦٦١) في الأصل: أم، والتصحيح من ط.
(٦٦٢) نُسِب البيتان إلى المُلْبِد بن حَرْملة في شرح أبيات سيبويه ١/ ٢٠٨، وهما بلا عزو في: الكتاب ١/ ١٦٢، معاني القرآن ٢/ ٥٤، ١٥٦، الحُجّة ٧٤، أمالي المرتضى ١/ ٢٠٨، شروح سقط الزند ٦٢٠، اللسان (شكا)، الأشموني ١/ ٢٢١.

<<  <   >  >>