للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

لقال: (ولا مُنْسِيءٍ مَعْنٌ) عَطْفًا على قوله: (بتارِكِ حَقِّهِ)، ولكنّه لمّا كَرَّرَه مُظْهَرًا وأمْكَنَهُ أنْ يجعلَ الكلامَ جملتين استأنَفَ الكلامَ فرَفَعَ الخَبَرَ.

وعَنَى بالبيتِ مَعْنَ بنَ زائدةَ الشَيباني (١٣٣) وهو أحَدُ أجوادِ العربِ وسُمَحَائهم فوَصَفَه ظُلْمًا بسُوءِ الاقتِضاءِ وأَخْذِ الغَريمِ على عُسْرَتِهِ، وأنّه لا يُنْسِئُهُ بِدَيْنِهِ ولا يَتَيَسَّرُ عليه، النَسءُ: التأخير، يقال: نَسَأتُهُ وأنْسَاتُهُ إذا أَخَّرْتَهُ.

وأنشد في البابِ للأعْوَرَ الشَنِّيّ (١٣٤):

[٤٦] هَوِّنْ عليكَ فإنَّ الأمورَ … بكَفِّ الإلهِ مَقادِيرُها

فلَيْسَ بآتِيكَ مَنْهِيُّها … ولا قاصِرًا عنكَ مَأمُورُها

استشهَدَ بالبيتِ الأخيرِ من البيتينِ على جَوازِ النصبِ في الخبرِ المعطوفِ على خَبرِ ليسَ وإنْ كانَ الآخِرُ أجنبيًّا، لأنّ ليسَ تعمَلُ في الخَبَرِ مُقَدَّمًا ومؤخّرًا لِقُوَّتها.

وذَكَر أنّ الجَرَّ جائزٌ (١٣٥) في البيتِ على أنْ تجعَلَ الآخِرَ مِن سَبَب الأوّلِ، لأنّه أخبَرَ أوّلا عن المَنْهيَ فقال: (ليس بآتِيكَ مَنهيُّها)، ثُمَّ أخبَرَ آخِرًا عن المأمورِ وأضافَهُ إلى ضَميرِ (١٣٦) الأمورِ، والمَنْهيُّ مِن الأمورِ، فكأنَّ الضميرَ الذي أُضِيفَ إليه المأمورُ عائدٌ عليه، لأنّ بعضَ الأمورِ أُمورٌ وجَعَلَهُ بمنزلة قول جرير (١٣٧):

إذا بَعضُ السِنينَ تَعَرَّقَتْنا [٣٥].


(١٣٣) هو معن بن زائدة بن عبد الله بن مطر الشيباني، من قُوّاد بني أميّة، ثم خُصَّ بالمنصور، وقَلّده اليمن. (معجم الشعراء: ٣٢٤، الكامل في التاريخ ٥/ ٣٥، الخزانة ١/ ١٨٢).
(١٣٤) البيتان له في: الكتاب ١/ ٣١، شرح أبيات سيبويه ١/ ١٦٢، النكت ٢٠٠، الحماسة البصرية ٢/ ٢، شرح شواهد المغني ٤٢٧، الخزانة ٢/ ١٣١، والأعورُ شاعر إسلامي مُقِلّ، اسمه بِشر بن مُنْقذ من عبد القيس. (الشعر والشعراء ٦٣٩، المؤتلف والمختلف ٤٥).
(١٣٥) في ط: عائذ، وهو تحريف.
(١٣٦) في ط: ضمير الأول.
(١٣٧) الكتاب ١/ ٣٢.

<<  <   >  >>