للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وزعم أن البحث والطلب من سوء الأدب، قد حَمى حِمى جهله بالنَّجْهِ (١) وتقطيب الوجْهِ، فلا جَرم بحسب هذا الخلل - وتظاهر هذِه العلل في كثير من مشايخ (٢) الرواية، المحرومين فضل المعرفة والدراية، المريحين أنفسهم من كدِّ البحث والعناية - كثر في كتب الحديث التغييرُ والفسادُ، تارة في المتن وتارة في الإسناد، وشاع التحريف، وبشع التصحيف، وتعدى ذلك منثورَ الروايات إلى مجموعها، وعَمّ أصولَ المصنفات مع فروعها، فلولا أن الله سبحانه قيض لإقامة أوَدِها (٣)، ومعاناة رمدها صُبَاباتٍ (٤) من أهل الإتقان في كل زمانٍ؛ لاستمرَّ على الكافة تحريفها، واستقرَّ في موضوعات السنن تبديلُ الجهلة وتصحيفها (٥)، لكن قول (الرسول- عليه السلام -) (٦) حقٌّ، ووعد الله تعالى إياه صدق، كما حدثنا (٧) الشيخ (٨) الفقيه أبو القاسم أحمد بن محمَّد بن بقي (٩)، والشيخ أبو الحسن


(١) النَّجْهُ: استقبالك الرجل بما يكره وردك إياه عن حاجته، وقيل: هو أقبح الرد. "اللسان" ٧/ ٤٣٥٩.
(٢) في (س، أ، ظ): (أشياخ).
(٣) الأَوَدُ: العوج.
(٤) الصُّبابة: هي البقية اليسيرة.
(٥) قبلها في (س): (تجزيفها). وعليها علامة تشير إلى الحذف، وفي (أ): (تحريفها). وحذفها أولى.
(٦) في (ظ، أ): (رسول الله صلى الله عليه وسلم).
(٧) في (أ): (أخبرنا).
(٨) ساقطة من (ظ).
(٩) الفقيه، المحدّث، الأندلسي القرطبي من أولاد الحافظ الكبير بقي بن مخلد، من أجَلِّ بيوت العلم، كان بصيراً بالأحكام، دَرِياً بالفتوى، رأسًا في معرفة الشروط وعللها، كتب إليه أبو العباس العذري المحدث بإجازة ما رواه عن شيوخه، روى عنه ابن بشكوال، وأبو بكر بن خير، وآخرون، توفي سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة. انظر "الصلة" ١/ ٧٩، "تاريخ الإِسلام" ٣٦/ ٢٦٧ - ٢٦٨، "مرآة الجنان" ٣/ ٢٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>