للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قاله له (١) على طريق التبكيت لمَّا تأولهما عقالين. وقيل: بل أراد أن يعرض، وكنى بالوساد عن القفا كما قال في حديث آخر: "إِنَّكَ لَعَرِيضُ القَفَا" (٢) أي: لسوء تأويله، وبعده عن الإصابة للمعنى. وقيل: بل معناه إنك لغليظ الرقبة؛ لكثرة أكلك (إلى بياض النهار) (٣). والأول أولى، وإليه يرجع: "إِنَّكَ لَغَلِيظُ القَفَا"؛ لأن وساد المرء على قدر قفاه، فمن يتوسد الليل والنهار يحتاج إلى قفا من جنس ذلك، وقد ذكرناه في حرف العين. وقيل: الوسادة هاهنا: النوم، أي: إن نومك كثير. وقيل: الليل. كأنه يقول: إن من لا يعد النهار حتى يتبين له العقالان نام كثيرًا وطال نومه، وهما بعيدان في التأويل.

قوله: "صَاحِبُ الوِسَادِ وَالْمِطْهَرَةِ" يعني: عبد الله بن مسعود، كذا في البخاري من غير خلاف في كتاب الطهارة (٤)، وفي رِواية مالك بن إسماعيل (٥). ويروى: "الْوِسَادَةُ" (٦). [وفي حديث سليمان بن حرب: "صَاحِبُ السِّوَاكِ] (٧) أَوِ السِّوَادِ" (٨) بكسر السين؛ وكان ابن مسعود يمشي مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حيث ينصرف، ويخدمه، ويحمل مطهرته، وسواكه، ونعليه، وما يحتاج إليه، فلعله أيضًا كان يحمل وساده إذا احتاج إليه، وأما أبو عمر


(١) ساقطة من (س).
(٢) البخاري (٤٥١٠).
(٣) من (أ، م).
(٤) البخاري قبل حديث (١٥١) عن أبي الدرداء، معلقًا.
(٥) البخاري (٣٧٤٢)، وكذلك أيضًا في (٣٧٦١، ٦٢٧٨) عن أبي الدرداء.
(٦) رواه الحاكم في "المستدرك" ٣/ ٣١٦.
(٧) ما بين المعقوفتين من "المشارق" ٢/ ٢٩٤؛ ليستقيم السياق.
(٨) البخاري (٣٧٤٣)، وانظر اليونينية ٥/ ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>