للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ" وهذا بين الوجه، وتأويل ما للكافة و"أبو بَكْرٍ وعُمَرُ" عطف على قوله: "مَاتَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - وهو ابْنُ ثَلَاثٍ وسِتِّينَ وأَبُو بَكْرٍ وعُمَرُ" وتم الكلام، ثم استأنف الخبر عن نفسه أنه في حين هذِه المقالة قد بلغ سنهم، كأنه نعى لهم نفسه، أو يكون معناه: وأبو بكر وعمر كذلك، ثم قال: "وَأَنَا ابْنُ ثَلَاثٍ وسِتِّينَ" فأنا أنتظر أجلي، وهذا أصح الوجوه، وقد جاء مفسرًا في فوائد ابن المهندس (١) عن البغوي فقال: "وتُوُفي أَبُو بَكْرٍ وهو ابْنُ ثَلَاثٍ وسِتِّينَ، وتُوُفي عُمَرُ وهو ابْنُ ثَلَاثٍ وسِتِّينَ، وأَنَا ابْنُ ثَلَاثٍ وسِتِّينَ".

قوله في الشارب الذي أتي به فلعنوه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تَلْعَنُوهُ فَواللهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّهُ يُحِبُّ الله ورَسُولَهُ" (٢) وتاء المتكلم مضمومة، و"أَنَّه" بفتح الهمزة، ومعناه: فوالله الذي علمته: أنه يحب الله، أو لقد علمت، وليست "مَا" بنافية، و"أَنَّهُ" وما بعده بتأويل المفعول بـ "عَلِمْتُ ووقع عند بعضهم: "فَواللهِ مَا عَلِمْتُ إِنَّهُ" بكسر الهمزة من: "إِنَّهُ" (٣)، وهو وهم محيل للمعنى إلى ضدِّه، ويجعل: "مَا" نافية، والتاء عند الأصيلي مهملة، وعند ابن السكن مفتوحة: "عَلِمْتَ" بتاء المخاطب علي طريق التقرير له، وبصح علي هذا كسر: "إِنَّهُ" وفتحها، والصواب كسر: (إنَّ) وضم التاء، وتقدير الكلام: لا تلعنوه، فوالله إنه يحب الله ورسوله، ما علمت. أي: مدة علمي، و"مَا" ظرف للمحبة، وفتح التاء خطأ.


(١) أحمد بن محمَّد بن إسماعيل البناء أبو بكر ابن المهندس، محدِّث مصر، كان مكثرًا، وانتقى عليه الحفاظ. وكان ثقة، خيرا، تقيا. توفي سنة خمس وثمانين وثلاثمائة. انظر ترجمته في: "وفيات المصريين" ص ٣٥, "سير أعلام النبلاء" ١٦/ ٤٦٢.
(٢) البخاري (٦٧٨٠) عن عمر.
(٣) هكذا لأبي ذر الهروي، اليونينية ٨/ ١٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>