للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إقدام عمرو في سماحة حاتم ... في حلم أحنف في ذكاء إياس [١]

فقال له الفيلسوف: أتشبّه الخليفة بأجلاف العرب؟ فقال: نور الله سبحانه شبّه بمصباح في مشكاة للتقريب [٢] فقال للخليفة: أعطاه ما سأل فإنه لا يعيش أكثر من أربعين يوما، لأنه قد ظهر في عينيه الدم من شدة الفكر.

وقيل: قال: إنه يموت قريبا أو شابا. فقيل له: وكيف ذلك؟ فقال:

رأيت فيه من الذكاء والفطنة ما علمت أن النفس الروحاني تأكل جسمه كما يأكل السيف المهنّد غمده. فقال له الخليفة: ما تشتهي؟ قال: الموصل فأعطاه إياها، فمات سريعا وقد نيّف على الثلاثين، وبين عليه أبو نهشل بن حميد [٣] قبّة، ورثاه جماعة منهم: أبو نهشل بن حميد، الذي ولاه الموصل فقال:

فجع القريض بخاتم الشعراء ... وغدير روضتها حبيب الطّائي

ماتا معا فتجاورا في حفرة ... وكذاك كانا قبل في الأحياء

ورثاه محمد بن عبد الملك الزّيّات وزير المعتصم فقال:

نبأ أتى من أعظم الأنباء ... لمّا ألمّ مقلقل الأحشاء

قالوا حبيب قد ثوى فأجبتهم ... ناشدتكم لا تجعلوه الطائي

انتهى ما قاله ابن الأهدل.


الأيام» و «تحاويل السنتين» و «رسم المعمور» ، و «القول في النفس» و «رسائل الكندي» و «حوادث الجو» . مات سنة (٢٦٠) هـ. عن «الأعلام» للزركلي (٨/ ١٩٥) .
[١] البيت في «ديوانه» بشرح الخطيب التبريزي (٢/ ٢٤٩) طبع دار المعارف بمصر.
[٢] يريد قوله تعالى: الله نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ في زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ من شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي الله لِنُورِهِ من يَشاءُ وَيَضْرِبُ الله الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَالله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ٢٤: ٣٥ [النّور: ٣٥] .
[٣] هو محمد بن حميد بن عبد الحميد الطائيّ الطوسيّ. انظر «معجم الشعراء» المرزباني ص (٣٦٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>