للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا ما للخليلة [١] لا تعود ... أبخل بالخليلة [٢] أم صدود

مرضت فعادني أهلي جميعا ... فما لك لم أر فيمن يعود

وما استبطأت غيرك فاعلميه ... وحولي من بني عمّي عديد

فلو كنت السقيمة جئت أسعى ... إليك ولم ينهنهني [٣] الوعيد

قال: فسمعت كلامه الذي عناها به، فخرجت من ذلك الخباء كالبدر ليلة تمّه وهي تقول:

وعاق لأن أزورك يا خليلي ... معاشر كلّهم واش حسود

أشاعوا ما علمت من الدّواهي ... وعابونا وما فيهم رشيد

فلا يا حبّ ما طابت حياتي ... وأنت ممرّض فرد وحيد [٤]

فتبادر النساء إليها وتعلقن بها، وأحس بها فوثب إليها، فتبادر الرجال نحوه فتعلقوا به، فجعلت تجذب نفسها والشاب يجذب نفسه حتّى تخلصا، فالتقيا واعتنقا، ثم شهقا شهقة واحدة وخرّا من قامتيهما متعانقين ميتين، فخرج شيخ من تلك الأخبية فوقف عليهما وقال: رحمكما الله، أما والله لئن لم أجمع بينكما في حياتكما لأجمعن بينكما بعد وفاتكما، ثم أمر بهما فغسلا وكفنا في كفن واحد، وحفر لهما قبرا واحدا ودفنهما فيه، فسألته عنهما؟

فقال: ابنتي وابن أخي، بلغ بهما الحب إلى ما رأيت، ففارقته وانصرفت.

ومن شعر إسحاق النديم- رحمه الله- ما كتبه إلى هارون الرشيد رحمه الله من أبيات:

أرى النّاس خلّان الجواد [٥] ولا أرى ... بخيلا له في العالمين خليل


[١] في المطبوع: «ما للحليلة» وهو تصحيف.
[٢] في المطبوع: «بالحليلة» وهو تصحيف.
[٣] في الأصل: «ولم ينهني» وأثبت ما في المطبوع وهو الصواب. قال في «مختار الصحاح» ص (٦٨٢) : نهنهه عن الشيء فتنهنه، أي كفّه وزجره فكفّ. والأبيات في «عيون الأخبار» (٤/ ١٢٨) .
[٤] الأبيات في «عيون الأخبار» (٤/ ١٢٩) .
[٥] في «الأغاني» : «خلان الكرام» .

<<  <  ج: ص:  >  >>