للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في جوف الليل فنزلوا عليه بالسيوف، فقتلوه وقتلوا وزيره الفتح بن خاقان معه، ولما قتلا أصبح النّاس يقولون: قتل المتوكل والفتح بن خاقان دبّر عليهما المنتصر ولد المتوكل، وكان النّاس على لسان واحد يقولون: والله لا عاش المنتصر إلا ستة أشهر كما عاش شيرويه بن كسرى حيث قتل أباه، فكان الأمر كذلك، وكان قتله ليلة الأربعاء لثلاث خلون من شوال.

وكان للمتوكل خمسمائة وصيفة للفراش، ولم يكن فيهن أحظى من صبيحة أم ولده المعتز، وبسبب ميله إليها أراد يقدم ولدها بالعهد، وكان أصغر من المنتصر، وكان تقدم منه العهد للمنتصر، ثم لأخويه من بعده، وفي ذلك يقول السّلميّ:

لقد شدّ ركن الدّين بالبيعة الرّضا ... وسار بسعد جعفر بن محمّد

لمنتصر بالله أثبت عهده ... وأكّد بالمعتز ثم المؤيّد [١]

ورزق المتوكل من الحظ من العامة لتركه الهزل واللهو إلا أنه كان يتشبه في الغضب بخلق الجبابرة، وبلغ المتوكل أن صالح بن أحمد بن حنبل رأى في نومه قائلا يقول:

ملك يقاد إلى مليك عادل ... متفضّل بالعفو ليس بحائر [٢]

فصدقه بذلك.

وروى علي بن الجهم قال: لما أفضت الخلافة إلى المتوكل، أهدى له الناس على أقدارهم، فأهدى له محمد بن عبد الله بن طاهر ثلاثمائة جارية من أصناف الجواري، وكان فيهن جارية يقال لها: محبوبة، وقد نشأت بالطائف، فوقعت من قلب المتوكل موقعا عظيما، وحلّت من نفسه محلا جسيما، وكانت تسامره ولا تفارقه، فغاضبها يوما وأمرها بلزوم مقصورتها، وأمر أن لا يدخل الجواري عليها.


[١] البيتان في «غربال الزمان» للعامري ص (٢٣٠) ، وفيه «سدّ ركن الدّين» .
[٢] البيت في «غربال الزمان» ص (٢٣٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>