للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بلى. فنزل عن فرسه ولزمتها، وتقدّم إلى الأسد وأنا أنظره، وجذب سيفه، فوثب الأسد عليه ليلطمه، فتلقاه بضربة وقعت في جبهته، فقسمها نصفين، ثم وثب الأسد ثانية وثبة ضعيفة فتلقاه بضربة أخرى أبان بها يده، ثم وثب المعتضد عليه، فركبه ورمى السيف من يده، وأخرج سكينا كانت في وسطه فذبحه من قفاه، ثم قام وهو يمسح السكين والسيف بشعر الأسد، وعاد وركب فرسه، وقال: إياك أن تخبر بهذا أحدا، فإنما قتلت كلبا.

قال ابن حمدون: فما حدّثت بهذا إلّا بعد موت المعتضد.

وكان الثوب يقيم عليه السنة والأقل والأكثر، لا ينزعه عن بدنه لكثرة اشتغاله بأمور الرّعية.

ومات في يوم الجمعة تاسع عشر شهر ربيع الآخر، وقيل: مات ليلة الاثنين لسبع بقين من شهر ربيع الآخر، ولما حضرته الوفاة أنشد:

تمتّع من الدّنيا [١] فإنك لا تبقى ... وخذ صفوها ما إن صفت ودع الرّنقا [٢]

ولا تأمننّ الدّهر إني أمنته ... فلم يبق لي حالا ولم يرع لي حقّا

قتلت صناديد الرّجال ولم أدع ... عدوّا ولم أمهل على ظنّة [٣] خلقا

وأخليت دار الملك من كلّ نازع ... فشرّدتهم غربا وشرّدتهم شرقا

فلمّا بلغت النّجم عزّا ورفعة ... وصارت رقاب الخلق لي أجمعا رقّا [٤]

رماني الرّدى سهما فأخمد جمرتي ... فها أنا ذا في حفرتي عاجلا ألقى

ولم يغن عنّي ما جمعت ولم أجد ... لدى ملك الأحياء في حيّها رفقا [٥]


[١] في الأصل: «تمتع بالدنيا» وأثبت لفظ المطبوع وهو موافق لما في «الكامل في التاريخ» .
[٢] في الأصل، والمطبوع: «ودع الرقا» وأثبت ما جاء في «الكامل في التاريخ» .
[٣] في «الكامل في التاريخ» : «طغية» وذكر ناشرها الأول بأنه جاءت في النسخة (أ) منه:
«خلقة» .
[٤] في «الكامل في التاريخ» : «وصارت رقاب الخلق أجمع لي رقا» .
[٥] في «الكامل في التاريخ» : «لذي الملك والأحياء في حسنها رفقا» .

<<  <  ج: ص:  >  >>