للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر أبو يعلى في «المعتمد» قال: روى عبد الله عن أبيه، قال: أرواح الكفّار في النّار، وأرواح المؤمنين في الجنة، والأبدان في الدّنيا، يعذّب الله من يشاء، ويرحم من يشاء، ولا نقول: إنهم تفنيان، بل هما على علم الله عزّ وجلّ، باقيتان.

قال القاضي أبو يعلى: وظاهر هذا، أن الأرواح تنعم وتعذب على الانفراد، وكذلك الأبدان.

وقال عبد الله: كان في دهليزنا دكان، وكان إذا جاء إنسان يريد أبي أن يخلو معه أجلسه على الدكان، وإذا لم يرد أن يخلو معه أخذ بعضادتي الباب وكلّمه، فلما كان ذات يوم جاء إنسان، فقال لي: قل لأحمد، أبو إبراهيم السائح، فخرج إليه أبي فجلسا على الدكان، فقال لي أبي: سلّم عليه، فإنه من كبار المسلمين، أو من خيار المسلمين، فسلّمت عليه، فقال له أبي:

حدّثني يا أبا إبراهيم، فقال له: خرجت إلى الموضع الفلاني بقرب الدّير الفلاني، فأصابتني علّة منعتني من الحركة، فقلت في نفسي: لو كنت بقرب الدّير الفلاني لعلّ من فيه من الرّهبان يداووني، فإذا أنا بسبع عظيم يقصد نحوي، حتّى جاءني، فاحتملني على ظهره حملا رفيقا، حتّى ألقاني عند الدّير، فنظر الرّهبان إلى حالي مع السّبع، فأسلموا كلهم، وهم أربعمائة راهب.

ثم قال أبو إبراهيم لأبي: حدّثني يا أبا عبد الله، فقال له أبي: كنت قبل الحجّ بخمس ليال أو أربع ليال، فبينا أنا نائم، إذ رأيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال لي: «يا أحمد حجّ» ، فانتبهت، ثم أخذني النوم، فإذا أنا بالنّبيّ صلى الله عليه وسلم، فقال لي:

«يا أحمد حجّ» ، فانتبهت، وكان من شأني إذا أردت سفرا جعلت في مزودي [١] فتيتا، ففعلت ذلك، فلما أصبحت قصدت نحو الكوفة، فلما انقضى بعض النهار


في الزهد: باب ذكر القبر والبلى، من حديث كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه، وهو حديث صحيح، والنسمة: الرّوح والنّفس، وتعلق: تأكل.
[١] في المطبوع: «مزودلي» .

<<  <  ج: ص:  >  >>