ومحمد بن أحمد بن جعفر، الإمام أبو جعفر، التّرمذيّ الفقيه، كبير الشافعية بالعراق، قبل ابن سريج، في المحرم، وله أربع وتسعون سنة. وكان قد اختلط في أواخر أيامه، وكان زاهدا، ناسكا، قانعا باليسير، متعفّفا.
قال الدارقطنيّ: لم يكن للشافعية بالعراق أرأس ولا أورع منه، وكان صبورا على الفقر. روى عن يحيى بن بكير وجماعة، وكان ثقة.
قال الإسنوي: كان أولا أبو جعفر حنفيا، فحجّ، فرأى ما يقتضي انتقاله لمذهب الشافعي، فتفقّه على الرّبيع وغيره من أصحاب الشافعي، وسكن بغداد، وكان ورعا، زاهدا، متقلّلا جدا، كانت نفقته في الشهر أربعة دراهم، نقل عنه الرّافعيّ مواضع قليلة، منها أن فضلات النّبيّ صلى الله عليه وسلم، طاهرة، وأن الساجد للتلاوة خارج الصلاة لا يكبّر للافتتاح لا وجوبا ولا استحبابا، وأنه إذا رمي إلى حربي فأسلم، ثم أصابه السهم فلا ضمان، والمعروف خلافه فيهنّ.
ولد في ذي الحجة، سنة ثمانين، وتوفي لإحدى عشرة ليلة خلت من المحرم سنة خمس وتسعين ومائتين.
وترمذ مدينة على طريق نهر جيحون، وفيها ثلاثة أقوال:
الأول فتح التاء وكسر الميم، وهو المتداول بين أهلها.
والثاني كسرهما.
والثالث ضمّهما.
قال: وهو الذي يقول أهل المعرفة. انتهى ملخصا.
قال العلّامة ابن ناصر الدّين في «بديعته» :
ثمّ الحكيم التّرمذيّ هواه ... في ذلك الجرح الذي رماه