وقال: لا يصلح السماع إلا لمذبوح النفس، محترق الطبع، ممحق الهوى، صافي السرّ، طاهر القلب، عالي الهمّة، دائم الوجد، تام العلم، كامل العقل، قوي الحال، وإلا خسر من حيث يلتمس الربح، وضلّ من حيث يطلب الهدى، وهلك بما يرجو به النجاة، وليس في علوم التصوّف علم ألطف ولا في طرقه طريق أدقّ من علم السماع، وطريق أهله فيه.
وقال: كثرة النظر في الباطن تذهب بمعرفة الحق من القلب.
وتوفي في صفر، وله أربع وثمانون سنة، ودفن في مقابر باب حرب بغداد.
وفيها قاضي الأنبار وخطيبها البليغ المصقع، أبو محمد، بهلول بن إسحاق بن بهلول بن حسّان التنوخيّ- نسبة إلى تنوخ قبائل أقاموا بالبحرين- كان ثقة صاحب حديث. سمع بالحجاز سعيد بن منصور وإسماعيل بن أويس.
وفيها شيخ الصوفية، تاج العارفين، أبو القاسم، الجنيد بن محمد القواريريّ الخزّاز- بالزاي المكررة- صحب خاله السّريّ، والمحاسبيّ، وغيرهما من الجلّة، وصحبه أبو العبّاس بن سريج، وكان إذا أفحم مناظريه قال: هذا من بركة مجالستي للجنيد، وأصل الجنيد من نهاوند، ونشأ بالعراق، وتفقّه على أبي ثور، وقيل: كان على مذهب سفيان الثوري، وكان يقول: من لم يحفظ القرآن ويكتب الحديث لا يقتدى به في هذا الأمر، لأن علمنا مقيد بالكتاب والسّنّة.
وقال له خاله: تكلم على النّاس فاستصغر نفسه، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يأمره بذلك، فلما جلس لذلك جاءه غلام نصراني وقال: ما معنى قوله صلى الله عليه وسلم: