للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد قيل: إنه رثى بها عبد الله بن المعتز، وخشي من الإمام المقتدر أن يتظاهر بها، لأنه هو الذي قتله، فنسبها إلى الهرّ وعرّض به في أبيات منها، وكانت بينهما صحبة أكيدة.

وذكر صاعد اللغوي في كتاب «الفصوص» قال: حدّثني أبو الحسن المرزباني قال: هويت جارية لعلي بن عيسى غلاما لأبي بكر بن العلّاف الضرير، ففطن بهما فقتلا جميعا وسلخا وحشيت [١] جلودهما تبنا. فقال أبو بكر مولاه هذه القصيدة يرثيه [بها] وكنى عنه بالهرّ. وهي من أحسن الشعر وأبدعه، وعددها خمسة وستون بيتا، وطولها يمنع من الإتيان بجميعها فنأتي بمحاسنها، وفيها أبيات مشتملة على حكم فنأتي بها، وأولها:

يا هرّ فارقتنا ولم تعد ... وكنت عندي بمنزل الولد

فكيف ننفكّ عن هواك وقد ... صرت [٢] لنا عدّة من العدد

تطرد عنّا الأذى وتحرسنا ... بالغيب من حيّة ومن جرد [٣]

وتخرج الفأر من مكامنها ... ما بين مفتوحها إلى السّدد

يلقاك في البيت منهم مدد ... وأنت تلقاهم بلا مدد

لا عدد كان منك منفلتا ... منهم ولا واحد من العدد

وكان يجري ولا سداد لهم ... أمرك في بيتنا على السّدد

حتّى اعتقدت الأذى لجيرتنا ... ولم تكن للأذى بمعتقد

وحمت حول الرّدى بظلمهم ... ومن يحم حول حوضه يرد

وكان قلبي عليك مرتعدا ... وأنت تنساب غير مرتعد

تدخل برج الحمام متّئدا ... وتبلع الفرخ غير متئد [٤]


[١] في الأصل والمطبوع: «وحشي» وأثبت ما في «وفيات الأعيان» مصدر المؤلف.
[٢] في المراجع التي بين يدي: «كنت» .
[٣] أقول الأصل أن يقول: «ومن جرذ» بالذال المعجمة، ضرب من الفأر، وقد ذكره بالدال لأجل القافية. (ع)
[٤] في «الوافي بالوفيات» : «وتبلع اللحم غير مزدرد» .

<<  <  ج: ص:  >  >>