للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن آخذ حبلا فأوثقه [١] إلى شجرة ثم أختنق مما يقول النّاس في، وذكر الحديث، وهو في مسلم [٢] .

انتهى ما قاله الذهبي [٣] [٤] .


[١] في «صحيح مسلم» : «فأعلّقه» .
[٢] رواه مسلم رقم (٢٩٢٧) (٩١) في الفتن: باب ذكر ابن صيّاد. وانظر لفظ الحديث فيه.
[٣] «تجريد الصحابة» للذهبي (١/ ٣١٩) .
[٤] قال ابن الأثير في «جامع الأصول» (١٠/ ٣٦٢- ٣٦٤) بتحقيق والدي الشيخ عبد القادر الأرناؤوط: قال الخطابي: قد اختلف الناس في أمر ابن صيّاد اختلافا شديدا، وأشكل أمره، حتى قيل فيه كل قول، فيقال: كيف بقّى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يدّعي النبوة كاذبا، وتركه بالمدينة في داره يجاوره؟ وما معنى ذلك؟ وما وجه امتحانه إياه بما خبأ له من آية الدخان؟ وقوله بعد ذلك: «اخسأ، فلن تعدو قدرك؟» قال: والذي عندي، أن هذه القصة إنما جرت معه أيام مهادنته صلى الله عليه وسلم اليهود وحلفاءهم، وذلك: أنه بعد مقدمه المدينة كتب بينه وبين اليهود كتابا صالحهم فيه على أن لا يهاجروا، وأن يتركوا على أمرهم، وكان ابن صياد منهم- أو دخيلا في جملتهم- وكان يبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبره، وما يدّعيه من الكهانة ويتعاطاه من الغيب، فامتحنه النبيّ صلى الله عليه وسلم ليبرز أمره ويختبر شأنه، فلما كلمه علم أنه مبطل، وأنه من جملة السحرة أو الكهنة، أو ممن يأتيه رئي الجن، أو يتعاهده الشيطان، فيلقي على لسانه بعض ما يتكلم به، فلما سمع قوله: «الدخ» زجره، فقال: «اخسأ فلن تعدو قدرك» يريد أن ذلك شيء اطلع عليه الشيطان، فألقاه إليه وأجراه على لسانه، وليس ذلك من قبيل الوحي السماوي إذا لم يكن له قدر الأنبياء الذين يوحى إليهم على الغيب، ولا درجة الأولياء الذين يلهمون الغيب فيصيبون بنور قلوبهم، وإنما كانت له تارات يصيب في بعضها، ويخطئ في البعض، وذلك معنى قوله: يأتيني صادق وكاذب، فقال له صلى الله عليه وسلم عند ذلك: «قد خلط عليك» والجملة من أمره: أنه كان فتنة امتحن الله به عباده المؤمنين: لِيَهْلِكَ من هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ، وَيَحْيى من حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ٨: ٤٢ [الأنفال: ٤٢] كما امتحن الله قوم موسى بالعجل، فافتتن به قوم وهلكوا، ونجا من هداه الله وعصمه، وقد اختلفت الروايات في كفره، وفيما كان من شأنه بعد كبره، فروي أنه تاب عن ذلك القول، ثم إنه مات بالمدينة، وأنهم لما أرادوا الصلاة عليه، كشفوا عن وجهه حتى رآه الناس، وقيل لهم: اشهدوا، وروي غير ذلك، وأنه فقد يوم الحرة فلم يجدوه، والله أعلم.
وانظر «فتح الباري» لابن حجر (١٣/ ٣٢٥- ٣٢٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>