للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها أبو الحسن المزيّن علي بن محمد البغدادي [١] شيخ الصوفية، صحب الجنيد، وسهل بن عبد الله، وجاور بمكة.

قال السّلميّ في «طبقاته» [٢] : أقام بمكّة مجاورا بها، ومات بها، وكان من أورع المشايخ وأحسنهم حالا.

قال: الذنب بعد الذنب عقوبة الذنب. والحسنة بعد الحسنة ثواب الحسنة.

وقال: ملاك القلب في التبرّي من الحول والقوة.

ورؤي يوما متفكّرا وأغر ورقت عيناه، فقيل له: ما لك، أيها الشيخ! فقال: ذكرت أيام تقطّعي في إرادتي، وقطعي [٣] المنازل يوما فيوما، وخدمتي لأولئك السادة من أصحابي، وتذكرت ما أنا فيه من الفترة عن شريف الأحوال، وأنشد:

منازل كنت تهواها وتألفها ... أيّام كنت على الأيّام منصورا [٤]

وقال: المعجب بعمله مستدرج، والمستحسن لشيء من أحواله ممكور به. والذي يظن أنه موصول فهو مغرور.

ورؤي وهو يبكي بالتنعيم يريد أن يحرم بعمرة وينشد لنفسه:

أنافعي دمعي فأبكيكا [٥] ... هيهات مالي طمع فيكا

فلم يزل كذلك إلى أن مات بمكّة، شرّفها الله تعالى.


[١] مترجم في «العبر» (٢/ ٢٢١) و «سير أعلام النبلاء» (١٥/ ٢٣٢) و «غربال الزمان» ص (٢٨٧) .
[٢] ص (٣٨٢- ٣٨٥) والمؤلف ينقل عنه بتصرف واختصار.
[٣] في الأصل والمطبوع: «وقطع» وما أثبته من «طبقات الصوفية» .
[٤] رواية البيت في «طبقات الصوفية» :
منازل كنت تهواها وتألفها ... أيام أنت على الأيام منصور
[٥] رواية البيت في «طبقات الصوفية» :
أنافعي دمعي فأبكيك ... هيهات ما لي طمع فيك

<<  <  ج: ص:  >  >>