للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبتدع، وأحب أن يكون بيني وبين صاحب بدعة حصن من حديد.

وذكر أبو الحسن [١] بن بشار قال: تنزّه البربهاري من ميراث أبيه عن تسعين [٢] ألف درهم.

وكانت له مجاهدات ومقامات في الدّين كثيرة. وكان المخالفون يغلّظون [٣] قلب السلطان عليه. ففي سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة تقدّم ابن مقلة بالقبض على البربهاري، فاستتر، وقبض جماعة من كبار أصحابه، وحملوا إلى البصرة، فعاقب الله تعالى ابن مقلة على فعله ذلك بأن أسخط [٤] عليه القاهر، ووقع له ما وقع، ثم تفضل الله، عزّ وجل، وأعاد البربهاري إلى حشمته وزادت، حتّى إنه لما توفي أبو عبد الله بن عرفة، المعروف بنفطويه، وحضر جنازته أماثل أبناء الدّين والدّنيا، كان المقدّم على جماعتهم في الإمامة البربهاري، وذلك في صفر سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، في خلافة الراضي.

وفي هذه السنة زادت حشمة البربهاري، وعلت كلمته، وظهر أصحابه وانتشروا في الإنكار على المبتدعة، فبلغنا أن البربهاري اجتاز بالجانب الغربي، فعطس، فشمّته أصحابه، فارتفعت ضجّتهم حتّى سمعها الخليفة.

ولم تزل المبتدعة يوغرون [٥] قلب الراضي على البربهاري، حتى نودي في بغداد أن لا يجتمع من أصحاب البربهاري نفسان، فاستتر، وتوفي في الاستتار، رحمه الله تعالى.


[١] في الأصل والمطبوع: «أبو الحسين» وهو خطأ، والتصحيح من «طبقات ابن أبي يعلى» (٢/ ٤٣) و «المنهج الأحمد» (٢/ ١٠) بعناية الأستاذ عادل نويهض.
[٢] في «طبقات ابن أبي يعلى» : «سبعين» .
[٣] في «طبقات ابن أبي يعلى» : «يغيظون» .
[٤] في الأصل والمطبوع: «سخط» وأثبت لفظ «طبقات ابن أبي يعلى» ، وأسخط أي أغضب.
انظر «لسان العرب» (سخط) .
[٥] في «طبقات ابن أبي يعلى» (٢/ ٤٤) : «ينقلون» .

<<  <  ج: ص:  >  >>