فخاف أن تسقط عليه، فدعا بالفرّاشين وأمرهم بإحضار سلّم، وأن تخرج الحيّة، فلما صعدوا وبحثوا عن الحيّة، وجدوا ذلك السقف يفضي إلى غرفة بين سقفين، فعرّفوه ذلك، فأمرهم بفتحها، ففتحت فوجد فيها عدّة صناديق من المال والمصاغات، قدر خمسمائة ألف دينار، فحمل المال إلى بين يديه وسرّ به، وأنفقه في رجاله، وثبت أمره بعد أن كان أشفى على الانخرام، ثم إنه قطع ثيابا وسأل عن خيّاط حاذق، فوصف له خياط كان لصاحب البلد قبله، فأمر بإحضاره، وكان أطروشا، فوقع له أنه قد سعي به إليه في وديعة كانت عنده لصاحبه، وأنه طالبه بهذا السبب، فلما خاطبه حلف أنه ليس عنده إلا اثنا عشر صندوقا لا يدري ما فيها، فعجب عماد الدولة من جوابه، ووجّه معه من حملها، فوجد فيها أموالا وثيابا بجملة عظيمة، فكانت هذه الأسباب من أقوى دلائل سعادته، ثم تمكنت حاله واستقرت قواعده، وكانت وفاته يوم الأحد سادس جمادى الأولى بشيراز، ودفن بدار المملكة، وأقام في الملك ستة وعشرين سنة، وقيل: إنه ملك في جمادى الآخرة سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة ولم يعقب، وأتاه في مرضه أخوه ركن الدولة، واتفقا على تسليم بلاد فارس إلى عضد الدولة فتسلمها.
وفيها علي بن محمد أبو الحسن الواعظ المصري، وهو بغدادي، أقام بمصر مدة. روى عن أحمد بن عبيد بن ناصح، وأبي يزيد القراطيسي، وطبقتهما، وكان صاحب حديث، له مصنفات كثيرة في الحديث والزهد، وكان مقدّم زمانه في الوعظ.
قال السيوطي في «حسن المحاضرة»[١] : قال ابن كثير: ارتحل إلى مصر، فأقام بها حتّى عرف بالمصري. روى عنه الدارقطني، وغيره، وكان له مجلس وعظ عظيم. مات في ذي القعدة، وله سبع وثمانون سنة. انتهى ملخصا.