للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النفوس، ولي قضاء الأقاليم [١] وعاش ثمانين سنة، وكان يصوم صوم داود، عليه السلام، ويختم في اليوم والليلة، وكان جدا كله.

قال ابن ناصر الدّين: صنّف في الفقه الفروع المبتكرة الغريبة، وكتاب «أدب القاضي والفرائض» في نحو مائة جزء عجيبة.

وقال ابن خلّكان [٢] : كان ابن الحداد فقيها محقّقا، غوّاصا على المعاني، تولى القضاء بمصر والتدريس، وكانت الملوك والرعايا تكرمه وتعظّمه وتقصده في الفتاوى والحوادث، وكان يقال في زمنه: عجائب الدّنيا ثلاث: غضب الجلّاد، ونظافة السّماد، والردّ على ابن الحداد. وكان أحد أجداده يعمل في الحديد ويبيعه فنسب إليه. انتهى ملخصا.

وقال الإسنوي: به افتخرت مصر على سائر الأمصار، وكاثرت بعلمه بحرها بل جميع البحار، إليه غاية التحقيق ونهاية التدقيق، كانت له الإمامة في علوم كثيرة، خصوصا الفقه، ومولّداته تدلّ عليه، وكان كثير العبادة. وأخذ عن محمد بن جرير لما دخل بغداد رسولا في إعفاء ابن حربويه [٣] عن قضاء مصر، وصنّف كتاب «الباهر» في الفقه، في مائة جزء، وكتاب «جامع الفقه» وكتاب «أدب القضاء» في أربعين جزءا وكتابه «الفروع المولّدات» معروف، وهو الذي اعتنى الأئمة بشرحه، وكان حسن الثياب رفيعها، حسن المركوب، وكان يوقّع للقاضي ابن حربويه [٣] ، وباشر قضاء مصر مدة لطيفة بأمر أميرها، عند شغوره، فسعى غيره من بغداد، فورد تفويضه لذلك الغير. وحجّ، فمرض في الرجوع، ومات يوم دخل الحجاج إلى مصر، وهو يوم الثلاثاء لأربع بقين من المحرم سنة أربع وأربعين وثلاثمائة، وعمره تسع وسبعون سنة


[١] في «العبر» : «ولي قضاء الإقليم» .
[٢] في «وفيات الأعيان» (٤/ ١٩٧- ١٩٨) .
[٣] في الأصل والمطبوع: «ابن جربويه» والتصحيح من «طبقات الشافعية» للإسنوي (١/ ٣٩٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>