الصغار والكبار وخدم الخدمة ثلاثة آلاف وثلاثمائة امرأة وأربع عشرة.
وذكر بعض أهل الخدمة في الزهراء أنه قدر النفقة فيها في كل يوم بثلاثمائة ألف دينار، مدة خمسة وعشرين عاما.
قال القاضي أبو الحسن: ومن أخبار منذر بن سعيد البلوطي المحفوظة له مع الخليفة الناصر في إنكاره عليه الإسراف في البناء، أن الناصر كان اتخذ لسطح القبة التي كانت على الصرح الممرد المشهور شأنه بقصر الزهراء قراميد مغشاة ذهبا وفضة، أنفق عليها مالا جسيما، وقد مدّ سقفها به، تستلب الأبصار بأشعة أنوارها، وجلس فيها أثر تمامها يوما لأهل مملكته، فقال لقرابته من الوزراء وأهل الخدمة، مفتخرا بما صنعه من ذلك: هل رأيتم أو سمعتم ملكا كان قبلي فعل مثل فعلي هذا وقدر عليه؟ فقالوا: لا يا أمير المؤمنين، وإنك لأوحد في شأنك كله، وما سبقك إلى مبتدعاتك هذه ملك رأيناه، ولا انتهى إلينا خبره، فأبهجه قولهم وسرّه، وبينما هو كذلك إذ دخل عليه القاضي منذر بن سعيد واجما ناكس الرأس، فلما أخذ مجلسه، قال له كالذي قال لوزرائه من ذكر السقف المذهب، واقتداره عليه، وعلى إبداعه، فأقبلت دموع القاضي تنحدر على لحيته، وقال له: والله يا أمير المؤمنين ما ظننت أن الشيطان- لعنه الله تعالى- يبلغ منك هذا المبلغ، ولا أن تمكنه من قلبك هذا التمكين، مع ما آتاك الله من فضله ونعمته، وفضّلك به على العالمين، حتّى ينزلك منازل الكافرين. قال: فانفعل عبد الرحمن لقوله وقال له: انظر ما تقول، وكيف أنزلتني منزلتهم؟ فقال له: نعم، أليس الله تعالى يقول: وَلَوْلا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً من فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ ٤٣: ٣٣ [الزّخرف: ٣٣] . فوجم الخليفة، واطّردت عيناه، وأطرق مليا ودموعه تتساقط خشية وخشوعا لله تعالى، ثم أقبل على منذر، فقال له: جزاك الله يا قاضي عنّا وعن نفسك خيرا، وعن الدّين والمسلمين أجمل جزائه، وكثّر في الناس أمثالك، فالذي قلت هو الحق، وقام من