مجلسه ذلك، وأمر بنقض سقف القبة، وأعاد قرمدها ترابا على صفة غيرها.
وحكى غير واحد أنه وجد بخط الناصر رحمه الله تعالى أيام السرور التي صفت له دون تكدير، يوم كذا من شهر كذا من سنة كذا، ويوم كذا من كذا، وعدّت تلك الأيام، فكان فيها أربعة عشر يوما، فاعجب أيّها العاقل لهذه الدّنيا وعدم صفائها، وبخلها بكمال الأحوال لأوليائها، هذا الخليفة الناصر حلف السعود، المضروب به المثل في الارتقاء في الدّنيا، ملكها خمسين سنة وستة أو سبعة أشهر، وثلاثة أيام، ولم يصف له إلا أربعة عشر يوما، فسبحان ذي العزّة العالية القائمة، والمملكة الباقية الدائمة، تبارك اسمه وتعالى جدّه، لا إله إلّا هو. انتهى ما أورده المقّري مختصرا.
وفيها القاضي أبو السائب، عتبة بن عبيد الله الهمذانيّ الشافعيّ الصوفيّ تزهد أولا، وصحب الكبار، ولقي الجنيد، ثم كتب الفقه، والحديث، والتفسير، وولي قضاء أذربيجان، ثم قضاء همذان، ثم سكن بغداد ونوّه باسمه، إلى أن ولي قضاء القضاة، وكان أول من ولي قضاء القضاة من الشافعية.
وفيها فاتك المجنون، أبو شجاع الرّومي الإخشيذي.
قال ابن خلّكان [١] : كان روميا، أخذ صغيرا، هو وأخوه، وأخت لهما من بلد الرّوم، من موضع قرب حصن يعرف بذي الكلاع، فتعلّم الخطّ بفلسطين، وهو ممّن أخذه الإخشيذ من سيده كرها بالرّملة بلا ثمن، فأعتقه صاحبه، وكان معهم حرّا في عدة المماليك، وكان كريم النفس بعيد الهمّة شجاعا كثير الإقدام، ولذلك قيل له «المجنون» وكان رفيق الأستاذ كافور في خدمة الإخشيذ، فلما مات مخدومهما، وتقرر كافور في خدمة ابن الإخشيذ أنف فاتك من الإقامة بمصر كيلا يكون كافور أعلى رتبة منه، ويحتاج أن