للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المهلّبي، فقصده وكتب إليه:

ألا قل للوزير فدته نفسي ... مقالة مذكّر ما قد نسيه

أتذكر إذ تقول لضنك عيش ... ألا موت يباع فأشتريه

فلما وقف عليها تذكر [١] وهزّته أريحيّة الكرم، فأمر له في الحال بسبعمائة درهم، ووقّع في رقعته: مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ في سَبِيلِ الله كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ في كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَالله يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ ٢: ٢٦١ [البقرة: ٢٦١] ، ثم دعا به، فخلع عليه، وقلّده عملا يرتفق به.

ولما ولي المهلّبي الوزارة بعد تلك الإضافة عمل:

رقّ الزمان لفاقتي ... ورثى لطول تحرّقي

فأنالني ما أرتجي ... هـ وحاد عمّا أتّقي

فلأصفحن عمّا أتا ... هـ من الذنوب السّبّق

حتّى جنايته بما ... فعل [٢] المشيب بمفرقي

وكان لمعز الدولة مملوك تركي في غاية الجمال، يدعى تكين الجامدار، وكان شديد المحبة له، فبعث سريّة لمحاربة بعض بني حمدان، وجعل المملوك المذكور مقدّم الجيش، وكان الوزير المهلّبي يستحسنه ويرى أنه من أهل الهوى لا من أهل مدد الوغى [٣] ، فعمل فيه:

طفل يرقّ الماء في ... وجناته [٤] ويرفّ عوده

ويكاد من شبه العذا ... رى فيه أن تبدو نهوده


[١] في «وفيات الأعيان» : «تذكره» .
[٢] في «وفيات الأعيان» : «صنع» .
[٣] في «وفيات الأعيان» : «لا مدد الوغى» فتصحح العبارة فيه.
[٤] في الأصل والمطبوع: «جنباته» وما أثبتناه من «وفيات الأعيان» ولفظ البيت في «يتيمة الدهر» للثعالبي (٢/ ٢٦٧) طبع دار الكتب العلمية ببيروت:
ظبي يرقّ الماء في ... وجناته ويرقّ عوده

<<  <  ج: ص:  >  >>